[ سورة الملك ( 67 ) : الآيات 1 الى 2 ] بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِه الْمُلْكُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 1 ) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ( 2 ) قوله تعالى : تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِه الْمُلْكُ [ 1 ] قال : أي تعالى اللَّه وتعاظم عن الأشباه والأولاد والأضداد ، الذي بيده الملك يقلبه بحوله وقوته ، يؤتيه من يشاء ، وينزعه ممن يشاء ، وهو القادر عليه . قوله تعالى : هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 1 ) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ [ 1 - 2 ] قال : الموت في الدنيا بالمعصية ، والحياة في الآخرة بالطاعة . ولهذا قال اللَّه تعالى لموسى عليه السلام فيما أوحى إليه : يا موسى ، إن أول من مات من خلقي إبليس لعنه اللَّه لأنه عصاني ، وإني أعد من عصاني في الموتى . وقال : إن الموت خلق في صورة كبش أملح لا يمر بشيء فيجد ريحه إلا حيي . وقد روي في الخبر أن أهل الجنة ليخافون الموت ، وأهل النار يتمنون الموت ، فيؤتى به في صورة كبش أملح ، ثم يقال : هذا الموت فانظروا ما اللَّه صانع فيه ، ثم يضجع هناك فيذبح ، ثم يجعله اللَّه تعالى في صورة فرس يسرح في الجنة ، لا يراه أحد من أهل الجنة إلا أنس به ولا يعلم أنه الموت « 1 » . قوله تعالى : لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [ 2 ] قال : أي أصوبه وأخلصه ، فإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل ، حتى يكون صوابا خالصا . والخالص الذي يكون للَّه تعالى بإرادة القلب ، والصواب الذي يكون على سبيل السنة وموافقة الكتاب . وقال مرة أخرى : لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [ 2 ] أي توكلا ورضا علينا ، وسياحة بعد الزهد في الدنيا . وإن مثل التقوى واليقين كمثل كفتي الميزان ، والتوكل لسانه ، يعرف به الزيادة من النقصان « 2 » . فقيل : وما التوكل ؟ قال : الفرار من التوكل « 3 » ، يعني من دعوى التوكل .
( 1 ) الترغيب والترهيب 4 / 316 - 318 . ( 2 ) قوت القلوب 2 / 4 . ( 3 ) نسب هذا القول إلى بعض المقربين في قوت القلوب 2 / 9 ، وفي الحلية 10 / 198 أن سهل التستري ( سئل عن حقيقة التوكل ، فقال : نسيان التوكل ) .