نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 158
إذ يلزم منه على التقديرين أن يكون سبحانه ماعنا من قبلو الحق بختم القلوب ومن التوصل إليه بختم الأسماع ، وكلاهما قبيح يمتنع صدوره عنه تعالى بدليل عقلي ، هو أنه تعالى مستغن عن القبيح وعالم بقبحه وبغناه عنه ، فيمتنع الصدور لحمته لا لخروجه عن قدرته ، وبدلائل سمعية نطق بها لا تنزيل ، فإن نفى الظلم عنه ليس إلا قبحه فيعم القبائح كلها . ومن المعلوم أنه إذا لم يكن آمرا بالفحشاء لم يكن فاعلا لها أصلا . وأما على قاعدة أهل الحق فلا قبيح بالنسبة إلى تعالى ، بل الأفعال كلها بالسنبة إليه على سواء ، ولا يتصور في أفعاله ظلم لأن الكل منه وبه وإليه ، فله أن يتصرف في الأشياء كلها كما يشاء ، وإنما يوصف بالقبح والظلم ونظائرهما أفعال العباد باعتبار كسبهم هلا وقيامها بهم ، لا باعتبار إيجاد الله إياها فيهم كما حقق في الكتب الكلامية ( قوله القصد إلى صفة القلوب ) أجاب عن السؤال المذكور بأجوبة خمسة : الأول أن الإسناد إليه تعالى كناية عن فرط تمكن هذه الصفة إلى هي الهيئة الحادثة المانعة وثبات رسوخا في قلوبههم وأسماعهم ، فإن كونها كذلك يستلزم كونها مخلوقة لله تعالى صادرة عنه فذكر اللازم ليتصور وينتقل منه إلى الملزوم الذي هو المقصود فيصدق به . ألا تراهم يقولون : فلا مجبول على كذا ، ولا يعنون به تحقق خلقه عليه بل ثباته وتمكنه فيه ، ولما لم يمكن إرادة الحقيقة في إسناد ختم إلى الله تعالى على مذهبه وجب أن يعده مجازا متفرعا عن الكناية ، فقد ذكر في قوله تعالى - ولا ينظر إليهم - أن أصله فيمن يجوز عليه النظر الكناية ثم جاء فيمن لا يجوز عليه مجردا لمعنى الإحسان مجازا عما وقع كناية عنه فيمن يجوز عليه النظر ، فظهر بما قرره هناك أنه إذا أمكن المعنى الأصلي كان كناية ، وإذا لم يمكن كان مجازا مبنيا على تلك الكناية وحينئذ يجوز إطلاق الكناية عليه نظرا إلى أنه أصله كان كناية في معنى ، ثم انقلب فيه مجازا والتغاير اعتباري . ومن ثم تراه جعل بسط اليد وغلها في سورة المائدة مجازين عن الجود والبلخ ، وجعلهما في طه من الكنايات كالاستواء على العرش ، فلا منافاة بين قوليه ولا حاجة في دفعهما إلى ما قيل من أنه قد يشترط في الكناية إمكان المعنى الأصلي وقد لا يشترط ، وسيأتيك هناك مزيد تفصيل لذلك ، هذا وقد سبق إلى بعض الأوهام من قوله بأنها
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 158