وأصحاب المصالح الكثير عن رسول اللَّه ( ص ) والقرآن . . من ذلك زعمهم بأن القرآن من وحي الشيطان ، وزعمهم أيضا بأن محمدا ( ص ) شاعر . . ورد سبحانه ذلك بما يلي :
( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) . هذا رد لقولهم : ان القرآن من وحي الشياطين ، ووجه الرد ان الشياطين توسوس وتوحي بالأباطيل إلى الكذاب الأثيم من أمثالهم : « شَياطِينَ الإِنْسِ والْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ » - 112 الانعام . ولا سبيل للشياطين على أهل الأمانة والصدق كالأنبياء والصلحاء . . هذا إلى ان القرآن حق وخير ، ووحي الشياطين شر وزور ، فكيف يكون من وحيهم ؟ ( يُلْقُونَ السَّمْعَ وأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ ) .
المراد بإلقاء السمع هنا الإصغاء والاستماع ، وضمير يلقون يعود إلى الكافرين ، والمعنى ان الذين يستمعون إلى الشياطين ، ويتلقون منهم الأكاذيب والأباطيل هم الكافرون ، وأكثر الكافرين يكذبون في أحاديثهم وأقوالهم . . ومحمد ( ص ) صادق في جميع أقواله وأفعاله ، فكيف يقال : استمع وتلقى من الشياطين ؟
( والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ ) . هذا رد لقول المشركين : ان محمدا شاعر . . وبيان الرد ان بين محمد والشعراء فرقا كبيرا من وجوه :
أولا : ان الذين اتبعوا محمدا ( ص ) انما اتبعوه ثقة به وبعظمته ، وايمانا باللَّه ونبوة نبيه يرجون تجارة لن تبور في مودته ، ولذا فدوه بالأرواح وقاتلوا من من أجله الآباء والأبناء ، أما الشعراء ، وبالخصوص القدامى منهم فإنهم كانوا يعيشون في الأحلام والأوهام . . وقديما قيل : « أحلام شاعر » . وقيل : أعذبه أكذبه أي الشعر ، ولا يتبع هؤلاء الشعراء إلا من كان على شاكلتهم .
ثانيا : ان أكثر الشعراء كانوا في القديم يناصرون الطغاة ، ويدعمون ظلمهم وطغيانهم ، فكان الشاعر يعصر عبقريته ومواهبه لينظم قصيدة أو أبياتا يتغنى فيها بعظمة الجبابرة والقياصرة ، وأين هذا من رسالة محمد ( ص ) التي هي ثورة على الظلم والفساد ؟ .
ثالثا : ان الشعراء يقولون كثيرا ، ويفعلون قليلا ، ولا يستخفهم شيء إلا الأهواء والأغراض ، يندفعون وراءها انّى توجهت ، أما محمد ( ص ) فإنه ما