ولكنه حكم بخلود العذاب : « كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ » - 55 النساء .
( ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) .
هذا كناية عن شدة الحسرة والندامة ، وهي نهاية كل مغرور ومفتر كذاب .
وفي الدعاء المروي عن النبي ( ص ) : أعوذ بك من الذنوب التي تورث الندامة ( يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ) . المراد بفلان هنا كل متبوع أضل تابعيه وقادهم إلى الهلاك . وفي الحديث : « يحشر المرء على دين خليله » . وقال جماعة من المفسرين : ان هذه الآية نزلت في عقبة بن أبي معيط ، وأبيّ ابن خلف ، وان الظالم الذي يعض على يديه هو الأول ، وفلانا هو الثاني . .
وعلى افتراض صحة هذا القول ، فإن سبب النزول لا يخصص عموم الآية .
( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وكانَ الشَّيْطانُ لِلإِنْسانِ خَذُولاً ) .
المراد بالذكر هنا القرآن لأن اللَّه سبحانه قد أطلق عليه هذه الكلمة في العديد من الآيات ، منها : « والْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ » - 1 ص ، وتدل الآية على ان الذين استمعوا للقرآن قد اقتنعوا به فيما بينهم وبين أنفسهم ، ولكن شياطين الإنس قد غرروا بهم ، وصرفوهم عن الحق ، فكان مآلهم الهوان والخذلان . . وهذا مآل كل من فعل وترك بوحي من أرباب الأهواء والأغراض ، لا بوحي من إيمانه وضميره .
وقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً ( 30 ) وكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وكَفى بِرَبِّكَ هادِياً ونَصِيراً ( 31 ) وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ ورَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً ( 32 ) ولا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ