بالظلم كفاعله . . الساكت عن الحق شيطان أخرس » فكيف إذا كان مناصرا للباطل ؟ وقال السيد الأفغاني : « أيها الفلاح الذي تشق الأرض بمحراثك ، لما ذا لا تشق به قلب من يستعبدك ؟ » . انظر ما قلناه عند تفسير الآية 11 من سورة الرعد : « إِنَّ اللَّهً لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ » .
وتجدر الإشارة إلى ان الهلاك على أنواع ، فيكون بالطوفان أو الخسف والزلازل والصواعق ، وأيضا يكون بالاذلال وتسليط الأشرار ، وهذا أوجع وأفظع . وقد عاقب اللَّه به أمة محمد ( ص ) لما تركوا الجهاد ، وتغاضوا عن أهل الشر والفساد ، ورضوا لأنفسهم المذلة والهوان ، قال الإمام علي ( ع ) : « ان في سلطان الإسلام عصمة لأمركم ، فأعطوه طاعتكم . . واللَّه لتفعلن أو لينقلن اللَّه عنكم سلطان الإسلام ، ثم لا ينقله إليكم أبدا حتى يأرز - يرجع - الأمر إلى غيركم » . أي إذا أطعنا الإسلام عشنا في حصن حصين من المناعة والكرامة ، والا انتقل عنا الحكم والسلطان إلى أعدائنا ، ثم لا يرجع إلينا أبدا . . وما قرأت هذا الانذار إلا اعترتني رعدة هزتني من الأعماق .
( وكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ ) . هذا تهديد ووعيد للذين كذبوا محمدا ( ص ) بأن اللَّه سبحانه قادر أن يجعل مصيرهم كمصير الذين كذبوا أنبياءهم في القرون الخالية كعاد وثمود : « أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ » - 98 الأعراف . قال الإمام علي ( ع ) : « ان رضا اللَّه فيما بقي واحد ، وسخطه فيما بقي واحد ، واعلموا انه لن يرضى عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم ، ولن يسخط عليكم بشيء رضيه ممن كان قبلكم » . . . ( وكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ) بإساءة من أساء فيعاقبه بما يستحق . قال رسول اللَّه ( ص ) لأبي ذر : « ان المؤمن يرى ذنبه تحت صخرة يخاف ان تقع عليه ، وان الكافر يرى ذنبه كأنه ذبابة تمر على أنفه » .
( مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ) . ليس المراد ان كل ما يطلبه الإنسان يحققه له اللَّه . . كلا ، فإننا نريد أشياء وأشياء ، ولا نرى منها شيئا ، بل في كثير من الأحيان لا نرى بعض ما نريد ، وإنما المقصود من الآية ان من يعمل للدنيا فقط غير مؤمن بشيء إلا بمنفعته فإنه يستثمر نتيجة عمله