القرآن ، ومخلصا بفتح اللام معناه ان اللَّه قد أخلصه من كل ما يشين ، واصطفاه لنفسه ، ومعناه بكسر اللام ان أقوال موسى وأفعاله كلها خالصة لوجه اللَّه ، ومعنى الرسول والنبي واحد ، والاختلاف انما هو بالنظر والاعتبار ، فمن حيث انه يحمل رسالة اللَّه يقال له رسول ، ومن حيث انه ينبئ بها الذين أرسل إليهم يقال نبي ، وقيل : ان الرسول يتلقى الوحي ويبلغ ، والنبي يتلقى ولا يبلغ .
ولا جدوى من هذا البحث .
( ونادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وقَرَّبْناهُ نَجِيًّا ) . الطور هو الجبل الذي كلم اللَّه موسى عليه ، والمراد بالأيمن يمين موسى لأن الجبل لا يمين له ولا شمال ، والمراد بقربناه نجيا قرب المكانة لا قرب المكان ، والمعنى ان اللَّه شرف موسى بالنبوة والرسالة ، وكلمه بلا واسطة رسول ، بل كان الكلام يأتيه من جهة يمينه ، كما تقول : سمعت صوتا من خلفي أو يميني ( ووَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا ) . يشير سبحانه بهذا إلى قضية سابقة ، وهي ان اللَّه سبحانه حين أمر موسى بالذهاب إلى فرعون قال له موسى فيما قال : « واجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي » - 30 طه فاستجاب له المولى و « قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى » .
الوفاء :
( واذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وكانَ رَسُولاً نَبِيًّا وكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ والزَّكاةِ وكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ) المعنى واضح لا يحتاج إلى تفسير ، ومن المفيد أن نتكلم عن الوفاء لمناسبة قوله تعالى : كان صادق الوعد .
لقد أثنى سبحانه على إسماعيل بأنه إذا وعد بشيء أنجز وعده ، وذكر المفسرون ان إسماعيل وعد صاحبا له أن ينتظره في مكان ، فتأخر الرجل ، وانتظر إسماعيل ثلاثة أيام أو أكثر . . وسواء أصحت هذه الرواية ، أم لم تصح فإنها ترمز إلى ان على الإنسان أن يبذل غاية ما يستطيع للوفاء بوعده ، وان من يتهرب من الوفاء فلا ينبغي أن يؤتمن على شيء ، بل لنا ان نصفه بالكذب والغدر ، حتى ولو