responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكاشف نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 5  صفحه : 164


أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) . ويتلخص المعنى بأن أخسر الناس صفقة ، وأخيبهم سعيا هو الجاهل المركب الذي يرى جهله علما ، وشره خيرا ، وإساءته إحسانا . .
وليس من شك ان هذا خائب خاسر في الدنيا لأنه يعيش في غير واقعه ، وهو كذلك في الآخرة لأنه يلقى اللَّه غدا بالجهل والغرور وسوء الأعمال .
وتومئ الآية إلى ان قيمة الإنسان الحقيقية لا تقاس بنظرته إلى نفسه ، لأن الخصم لا يكون حكما ، ولا بنظرة الناس إليه ، لأنهم يسعون الخائبين والمنافقين عمليا ، وان ضاقوا بهم نظريا ، وانما تقاس قيمة الإنسان بقيم القرآن ومبادئه ، والالتزام بتعاليمه وأحكامه ، تقاس بالصدق والعدل ونصرة الحق وأهله ، والتضحية في سبيل ذلك بالنفس والمال ، والقرآن الكريم مليء بهذا النوع من التعاليم ، مثل قوله تعالى : « كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ . . كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ . . كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ . . كُونُوا رَبَّانِيِّينَ . . جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وأَنْفُسِكُمْ » . وفي قوله : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ ، غنى عن كل شاهد .
وتسأل : ان المخطئ يرى نفسه مصيبا ، وانه قد أحسن صنعا بإصابة الواقع ، فينبغي أن يكون من الأخسرين أعمالا ، مع انه لا عصمة إلا لمن له العصمة ؟ .
الجواب : ان المخطئ على قسمين : الأول أن يخطئ بعد البحث والتدقيق ، تماما كما يفعل الأكفاء بحيث تكون النتيجة التي توصّل إليها هي غاية ما يمكن أن يتوصل إليها العالم المجد . . وليس من شك ان هذا المخطئ ليس من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وان خطأه لا عيب فيه ، بل ان صاحبه مأجور على ما بذل من جهد ، كما جاء في الحديث الشريف ، على شريطة أن يكون على نية الرجوع عن خطئه متى انكشف له الصواب .
القسم الثاني : أن يخطئ لأنه جزم وحكم بمجرد الحدس والوهم ، وقبل أن يبحث ويلاحظ ، لأنه يجهل أصول البحث والملاحظة العلمية ، أو يعرفها ولم يستعملها إطلاقا ، أو استعملها ناقصة ، فحكم قبل أن يستكمل ويستوعب جميع الملاحظات ، وهذا المخطئ من الأخسرين أعمالا ، ما في ذلك ريب ، لأن اللَّه سبحانه أمر بالتدبر والتثبت ، ونهى عن التسرع والقول بغير علم .
وبعد ، فإن الدرس الذي يجب أن نستفيده من هذه الآية هو أن نكون صادقين مع أنفسنا ، فلا نصفها بغير ما هي فيه ، ولا نخدعها بالقول الكاذب . . وأيضا

نام کتاب : التفسير الكاشف نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 5  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست