عنهم ، والغفلة عن الشيء تركه على وجه السهو والنسيان ، فأخبرهم الله تعالى أنّه غير غافل عن أعمالهم السيئة ولا ساه عنها .
قوله تعالى : * ( أفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وهُمْ يَعْلَمُونَ ) * آية بلا خلاف ( 75 ) .
وهذا خطاب لأمة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فكأنّه قال : أفتطمعون أيها المؤمنون أن يؤمنوا لكم من طريق النظر والاعتبار ، ونفي التشبيه ، والانقياد للحقّ وقد كان فريق منهم أي ممّن هو في مثل حالهم من أسلافهم يسمعون كلام الله ثم يعلمون أنّه الحقّ ، ويعاندون فيحرّفونه ويتأوّلونه على غير تأويله .
وقوله : * ( وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) * والفريق جمع كالطائفة لا واحد له من لفظه وهو فعيل من الفرق ، سمّي به الجمع كما سمّيت الجماعة بالحزب من التحزّب ، قال أعشى بن تغلبة :
أجدوا فلمّا خفت أن يتفرّقوا * فريقين منهم مصعد ومصوب [1] وقوله : * ( مِنْهُمْ ) * يعني من بني إسرائيل ، وإنّما جعل الله الذين كانوا على عهد موسى ومن بعده من بني إسرائيل من اليهود الذين قال الله تعالى لأصحاب محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أفتطمعون أن يؤمنوا لكم ، لأنّهم كانوا آباؤهم وأسلافهم ، فجعلهم منهم إذ كانوا عشائرهم وفرقهم وأسلافهم .
