والاعتداء تجاوز الحد الّذي حدّه الله لعباده إلى غيره ، وكلّ متجاوز حد شيء إلى غيره فقد تعدّاه إلى ما تجاوز إليه ، فمعنى الكلام فعلت بهم من ذلك بما عصوا أمري وتجاوزوا حده إلى ما نهيتم عنه .
قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والنَّصارى والصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآْخِرِ وعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * آية واحدة ( 62 ) .
وقوله : * ( مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) * .
تقول : من صدّق بالله وأقرّ بالبعث بعد الممات يوم القيامة وعمل صالحاً وأطاع الله ، فلهم أجرهم عند ربّهم يعني ثواب عملهم الصالح ، فإن قيل : فأين تمام قوله : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ ) * قيل : تمامه جملة قوله تعالى : * ( مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآخِرِ ) * لأنّ معناه : من آمن منهم بالله واليوم الآخر ، وترك ذكر منهم لدلالة الكلام عليه .
ومعنى الكلام : انّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من يؤمن منهم بالله واليوم الآخر ، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم .
وقوله : * ( مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآخِرِ ) * .
وقوله : * ( مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ) * فوحّد الفعل ثم قال : فلهم أجرهم لأنّ لفظة من وإن كانت واحدة ، فمعناها يكون للواحد والجمع والأنثى والذكر ، فإن ذهب إلى
