فالقتل والذبح والموت نظائر وبينها فرق ، فالقتل نقض بنية الحياة ، والذبح فري الأوداج ، والموت عند من أثبته معنى عرض يضاد الحياة .
وقوله : * ( فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ) * .
قيل في معناه قولان :
أحدهما : يقتل بعضكم بعضاً ، ذهب إليه ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن وغيرهم من أهل العلم ، كما يقول القائل : قتل آل فلان إذا قتل بعضهم بعضاً .
والثاني : ذكره ابن عباس وإسحاق واختاره أبو عليّ ، وهو أن يستسلموا للقتل فجعل استسلامهم للقتل قتلاً منهم لأنفسهم على وجه التوسّع .
وقيل : انّ السبعين الذين اختارهم موسى للميقات أمروا بالقتل لمن سأل الرؤية من بني إسرائيل .
وقيل : إنّهم قتلوا أنفسهم كما أمروا ، عمدوا إلى الخناجر وجعل بعضهم يطعن بعضاً .
قال ابن عباس وغيره من أهل العلم : ويقال غشتهم ظلمة شديدة فجعل بعضهم يقتل بعضاً ، ثم انجلت الظلمة ، فأجلوا عن سبعين ألف قتيل .
والسبب الّذي لأجله أمروا بقتل أنفسهم ذكره ابن جريج : انّ الله علم أنّ ناساً منهم علموا أنّ العجل باطلاً فلم يمنعهم أن ينكروا إلاّ خوف القتل ، فلذلك بلاهم الله أن يقتل بعضهم بعضاً .
وقال الرماني : ولا بدّ أن يكون الأمر بالقتل لطف لهم ولغيرهم ، كما يكون في استسلام القاتل لطف له ولغيره .
