وليس كذلك الشكر ففي مكافأة النعمة دلالة على أنّه قد استوفى حقها ، وقد يكون الشكر مقصراً عنها ، وإن كان ليس على المنعم عليه أكثر منه ، إلاّ أنّه كلّما ازداد من الشكر ، حسن له الازدياد وإن لم يكن واجباً لأنّ الواجب لا يكون إلاّ متناهياً ، وذلك كالشكر لنعمة الله لو استكثرته غاية الاستكثار لم يكن لينتهي إلى حد لا يجوز له الازدياد ، لعظم نعم الله ( عز وجل ) وصغر شكر العبد .
والشكر متعلّق في الآية بعفو الله عنهم ، ونعمه عليهم كأنّه قال : لتشكروا الله على عفوه عنكم وسائر نعمه عليكم .
قوله تعالى : * ( وإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) * آية ( 53 ) .
وقوله : * ( وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) * معناه أعطيناه ، والكتاب يريد به التوراة ، وأمّا الفرقان فقال الفراء وقطرب وثعلب : يحتمل أن يكون أتى موسى كتاب التوراة ومحمد الفرقان ، كما قال الشاعر :
متقلّداً سيفاً ورمحا [1] وضعّف قوم هذا الوجه ، لأنّ فيه حمل القرآن على المجاز من غير ضرورة ، مع أنّه تعالى أخبر أنّه أتى موسى الفرقان في قوله : * ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً ) * [2] .
