responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 911


وهذه فائدة كبيرة ، هي المقصودة من بعثة الرسل ، ووعظ الوعاظ ، وتذكير المذكرين ، فإقبالك على من جاء بنفسه ، مفتقرا لذلك مقبلا ، هو الأليق الواجب . وأما تصديك ، وتعرضك للغني المستغني ، الذي لا يسأل ، ولا يستغني لعدم رغبته في الخير ، مع تركك من هو أهم منه فإنه لا ينبغي لك فإنه ليس عليك أن لا يزكى ، فلو لم يتزك ، فلست بمحاسب على ما عمله من الشر . فدل هذا ، على القاعدة المشهورة ، أنه : ( لا يترك أمر معلوم لأمر موهوم ، ولا مصلحة متحققة لمصلحة متوهمة ) . وأنه ينبغي الإقبال على طالب العلم ، المفتقر إليه ، الحريص عليه ، أزيد من غيره . * ( كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة * قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره * كلا لما يقض ما أمره * فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدآئق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولأنعامكم ) * يقول تعالى : * ( كلا إنها تذكرة ) * ، أي : حقا إن هذه الوعظة ، تذكرة من الله ، يذكر بها عباده ، ويبين لهم في كتابه ما يحتاجون إليه ، ويبين الرشد من الغي ، فإذا تبين ذلك * ( فمن شاء ذكره ) * ، أي : عمل به كقوله تعالى : * ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) * . ثم ذكر محل هذه التذكرة ، وعظمها ، ورفع قدرها ، فقال : * ( في صحف مكرمة مرفوعة ) * القدر والرتبة * ( مطهرة ) * من الآفات ، وعن أن ينالها أيدي الشياطين ، أو يسترقوها . بل هي * ( بأيدي سفرة ) * وهم الملائكة ، الذين هم سفراء بين الله وبين عباده . * ( كرام ) * ، أي : كثيري الخير والبركة * ( بررة ) * قلوبهم وأعمالهم . وذلك كله حفظ من الله لكتابه ، أن جعل السفراء فيه إلى الرسل الملائكة الكرام الأقوياء الأتقياء ، ولم يجعل للشياطين عليه سبيلا ، وهذا مما يوجب الإيمان به ، وتلقيه بالقبول . ولكن مع هذا أبى الإنسان إلا كفورا ، ولهذا قال تعالى : ز * ( قتل الإنسان ما أكفره ) * لنعمة الله ، وما أشد معاندته للحق ، بعد ما تبين ، وهو ما هو ؟ هو من أضعف الأشياء ، خلقه من ماء مهين ، ثم قدر خلقه ، وسواه بشرا سويا ، وأتقن قواه الظاهرة والباطنة . * ( ثم السبيل يسره ) * ، أي : يسر له الأسباب الدينية والدنيوية ، وهداه السبيل ، وبينه وامتحنه بالأمر والنهي . * ( ثم أماته فأقبره ) * ، أي : أكرهه بالدفن ، ولم يجعله كسائر الحيوانات ، التي تكون جيفها على وجه الأرض . * ( ثم إذا شاء أنشره ) * ، أي : بعثه بعد موته للجزاء . فالله هو المنفرد بتدبير الإنسان وتصريفه بهذه التصاريف ، لم يشاركه فيه مشارك . وهو مع هذا لا يقوم بما أمره الله ، ولم يقض ما فرضه عليه ، بل لا يزال مقصرا تحت الطلب . ثم أرشده الله إلى النظر والتفكر في طعامه ، وكيف وصل إليه بعد ما تكررت عليه طبقات عديدة ، ويسره له ، فقال : * ( فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ) * ، أي : أنزلنا المطر على الأرض بكثرة . * ( ثم شققنا الأرض ) * للنبات * ( شقا فأنبتنا فيها ) * أصنافا مصنفة من أنواع الأطعمة اللذيذة ، والأقوات الشهية * ( حبا ) * ، وهذا شامل لسائر الحبوب على اختلاف أصنافها . * ( وعنبا وقضبا ) * وهو القت : * ( وزيتونا ونخلا ) * . وخص هذه الأربعة لكثرة فوائدها ومنافعها . * ( وحدائق غلبا ) * ، أي : بساتين فيها الأشجار الكثيرة الملتفة . * ( وفاكهة وأبا ) * الفاكهة : ما يتفكه فيه الإنسان ، من تين وعنب وخوخ ورمان ، وغير ذلك . والأب : ما تأكله البهائم والأنعام ، ولهذا قال : * ( متاعا لكم ولأنعامكم ) * التي خلقها الله وسخرها لكم . فمن نظر في هذه النعم ، أوجب له ذلك ، شكر ربه ، وبدل الجهد في الإنابة إليه ، والإقبال على طاعته ، والتصديق لأخباره . * ( فإذا جاءت الصآخة * يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه * وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أول ئك هم الكفرة الفجرة ) * أي : إذا جاءت صيحة القيامة التي تصخ لهولها الأسماع ، وتنزعج لها الأفئدة يومئذ ، مما يرى الناس من الأهوال وشدة الحاجة لسالف الأعمال . * ( يفر المرء ) * من أعز الناس عليه ، وأشفقهم عليه * ( من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته ) * ، أي : زوجته * ( وبنيه ) * . وذلك لأنه * ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) * ، أي : قد شغلته نفسه ، واهتم لفكاكها ، ولم يكن له التفات إلى غيرها . فحينئذ ينقسم الخلق إلى فريقين : سعداء ، وأشقياء . فأما السعداء ، ف * ( وجوه ) * هم يومئذ * ( مسفرة ) * ، أي : قد ظهر فيها السرور والبهجة ، لما عرفوا من نجاتهم ، وفوزهم بالنعيم . * ( ضاحكة مستبشرة ووجوه ) * ، الأشقياء * ( يومئذ عليها غبرة ترهقها ) * أي : تغشاها * ( قترة ) * فهي سوداء مظلمة مدلهمة ، قد أيست من كل خير ، وعرفت شقاءها وهلاكها . * ( أولئك ) * الذين بهذا الوصف * ( هم الكفرة الفجرة ) * ، أي : الذين كفروا بنعمة الله ، وكذبوا بآياته ، وتجرأوا على محارمه .

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 911
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست