نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 7
بحيث يكون كل واحد من تلك العوالم أعظم وأجسم من هذا العالم ، ويحصل في كل واحد منها مثل ما حصل في هذا العالم من العرش والكرسي والسماوات والأرضين والشمس والقمر ، ودلائل الفلاسفة في إثبات أن العالم واحد دلائل ضعيفة ركيكة مبنية على مقدمات واهية ؛ قال أبو العلاء المعري : - فيا أيها الناس كم لله من فلك * تجري النجوم به والشمس والقمر هين على الله ماضينا وغابرنا * فما لنا في نواحي غيره خطر ومعلوم أن البحث عن هذه الأقسام التي ذكرناها للمتحيزات مشتمل على ألوف ألوف من المسائل ، بل الإنسان لو ترك الكل وأراد أن يحيط علمه بعجائب المعادن المتولدة في أرحام الجبال من الفلزات والأحجار الصافية وأنواع الكباريت والزرانيخ والأملاح ، وأن يعرف عجائب أحوال النبات مع ما فيها من الأزهار والأنوار والثمار ، وعجائب أقسام الحيوانات من البهائم والوحوش والطيور والحشرات - لنفد عمره في أقل القليل من هذه المطالب ، ولا ينتهي إلى غورها كما قال تعالى : * ( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) * ( لقمان : 27 ) وهي بأسرها وأجمعها داخلة تحت قوله * ( رب العالمين ) * . رحمة الله تعالى بعباده لا تنحصر أنواعها : * ( الرحمن الرحيم ) * وأما قوله تعالى : * ( الرحمن الرحيم ) * فاعلم أن الرحمة عبارة عن التخليص من أنواع الآفات ، وعن إيصال الخيرات إلى أصحاب الحاجات ، أما التخليص عن أقسام الآفات فلا يمكن معرفته إلا بعد معرفة أقسام الآفات ، وهي كثيرة لا يعلمها إلا الله تعالى ، ومن شاء أن يقف على قليل منها فليطالع " كتب الطب " حتى يقف عقله على أقسام الأسقام التي يمكن تولدها في كل واحد من الأعضاء والأجزاء ، ثم يتأمل في أنه تعالى كيف هدى عقول الخلق إلى معرفة أقسام الأغذية والأدوية من المعادن والنبات والحيوان ، فإنه إذا خاض في هذا الباب وجده بحراً لا ساحل له . وقد حكى جالينوس أنه لما صنف كتابه في منافع أعضاء العين قال : بخلت على الناس بذكر حكمة الله تعالى في تخليق العصبين المجوفين ملتقيين على موضع واحد ، فرأيت في النوم كأن ملكاً نزل من السماء وقال يا جالينوس ، إن إلهك يقول : لم بخلت على عبادي حكمتي ؟ قال : فانتبهت فصنفت فيه كتاباً ، وقال أيضاً : إن طحالي قد غلظ فعالجته بكل ما عرفت فلم ينفع ، فرأيت في الهيكل كأن ملكاً نزل من السماء وأمرني بفصد العرق الذي بين الخنصر والبنصر ؛ وأكثر علامات الطب في أوائلها تنتهي إلى أمثال هذه التنبيهات
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 7