responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 244


أنه كلما كان المولى أشرف وأعلى كانت العبودية به أهنأ وأمرأ ، ولما كان الله تعالى أشرف الموجودات وأعلاها فكانت عبوديته أولى من عبودية غيره ، وأيضاً قدرة الله تعالى أعلى من قدرة غيره وعلمه أكمل من علم غيره وجوده أفضل من جود غيره ، فوجب القطع بأن عبوديته أولى من عبودية غيره ، فلهذا السبب قال إياك نعبد وإياك نستعين . الوجه الخامس : أن كل ما سوى الواجب لذاته يكون ممكناً لذاته وكل ما كان ممكناً لذاته كان محتاجاً فقيراً والمحتاج مشغول بحاجة نفسه فلا يمكنه القيام بدفع الحاجة عن الغير ، والشي ما لم يكن غنياً في ذاته لم يقدر على دفع الحاجة عن غيره والغني لذاته هو الله تعالى فدافع الحاجات هو الله تعالى ، فمستحق العبادات هو الله تعالى ، فلهذا السبب قال : إياك نعبد وإياك نستعين . الوجه السادس : استحقاق العبادة يستدعي قدرة الله تعالى بأن يمسك سماء بلا علاقة ، وأرضاً بلا دعامة ، ويسير الشمس والقمر ، ويسكن القطبين ، ويخرج من السحاب تارة النار وهو البرق ، وتارة الهواء وهي الريح ، وتارة الماء وهو المطر ، وأما في الأرض فتارة يخرج الماء من الحجر وهو ظاهر ، وتارة يخرج الحجر من الماء وهو الجمد ، ثم جعل في الأرض أجساماً مقيمة لا تسافر وهي الجبال ؛ وأجساماً مسافرة لا تقيم وهي الأنهار ، وخسف بقارون فجعل الأرض فوقه ، ورفع محمداً عليه الصلاة والسلام فجعل قاب قوسين تحته ، وجعل الماء ناراً على قوم فرعون أغرقوا فأدخلوا ناراً ، وجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم ، ورفع موسى فوق الطور ، وقال له : * ( إخلع نعليك ) * ( طه : 12 ) ورفع الطور على موسى وقومه * ( ورفعنا فوقكم الطور ) * ( البقرة : 63 ) وغرق الدنيا من التنور اليابسة لقوله : * ( وفار التنور ) * ( هود : 40 ) وجعل البحر يبساً لموسى عليه السلام ، فمن كانت قدرته هكذا كيف يسوى في العبادة بينه وبين غيره من الجمادات أو النبات أو الحيوان أو الإنسان أو الفلك أو الملك ، فإن التسوية بين الناقص والكامل والخسيس والنفيس تدل على الجهل والسفه .
الفائدة الثانية : قوله إياك نعبد يدل على أنه لا معبود إلا الله ، ومتى كان الأمر كذلك ثبت أنه لا إله إلا الله ، فقوله : * ( إياك نعبد وإياك نستعين ) * يدل على التوحيد المحض واعلم أن المشركين طوائف ، وذلك لأن كل من اتخذ شريكاً لله فذلك الشريك إما أن يكون جسماً وإما أن لا يكون ، أما الذين اتخذوا شريكاً جسمانياً فذلك الشريك أما أن يكون من الأجسام السفلية أو من الأجسام العلوية ، أما الذين اتخذوا الشركاء من الأجسام السفلية فذلك الجسم إما أن يكون مركباً أو بسيطاً ، أما المركب فأما أن يكون من المعادن أو من النبات أو من الحيوان أو من الإنسان ، أما الذين اتخذوا الشركاء من الأجسام المعدنية فهم الذين يتخذون الأصنام إما من الأحجار أو من الذهب أو من الفضة ويعبدونها ، وأما الذين

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست