نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 242
والرحيم ، والمالك . والسبب فيه كأنه يقول : خلقتك أولاً فأنا إله . ثم ربيتك بوجوه النعم فأنا رب ، ثم عصيت فسترت عليك فأنا رحمن ؛ ثم تبت فغفرت لك فأنا رحيم ، ثم لا بدّ من إيصال الجزاء إليك فأنا مالك يوم الدين . فإن قيل : إنه تعالى ذكر الرحمن الرحيم في التسمية مرة واحدة ، وفي السورة مرة ثانية فالتكرير فيهما حاصل وغير حاصل في الأسماء الثلاثة فما الحكمة ؟ . قلنا : التقدير كأنه قيل : أذكر أني إله ورب مرة واحدة ، وأذكر أني رحمن رحيم مرتين لتعلم أن العناية بالرحمة أكثر منها بسائر الأمور ، ثم لما بين الرحمة المضاعفة فكأنه قال : لا تغتروا بذلك فإني مالك يوم الدين ، ونظيره قوله تعالى : * ( غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول ) * ( غافر : 3 ) . الفائدة الخامسة : قالت القدرية : إن كان خالق أعمال العباد هو الله امتنع القول بالثواب والعقاب والجزاء ؛ لأن ثواب الرجل على ما لم يعمله عبث ، وعقابه على ما لم يعمله ظلم ، وعلى هذا التقدير فيبطل كونه مالكاً ليوم الدين ، وقالت الجبرية : لو لم تكن أعمال العباد بتقدير الله وترجيحه لم يكن مالكاً لها ، ولما أجمع المسلمون على كونه مالكاً للعباد ولأعمالهم ؛ علمنا أنه خالق لها مقدر لها ، والله أعلم . الفصل الخامس في تفسير قوله إياك نعبد وإياك نستعين وفيه فوائد معنى قوله : * ( إياك نعبد وإياك نستعين ) * : الفائدة الأولى : العبادة عبارة عن الفعل الذي يؤتى به لغرض تعظيم الغير ، وهو مأخوذ من قولهم : طريق معبد ، أي مذلل ، واعلم أن قولك إياك نعبد معناه لا أعبد أحداً سواك ، والذي يدل على هذا الحصر وجوه : الأول : أن العبادة عبارة عن نهاية التعظيم ، وهي لا تليق إلا بمن صدر عنه غاية الأنعام ، وأعظم وجوه الأنعام الحياة التي تفيد المكنة من الانتفاع وخلق المنتفع به ، فالمرتبة الأولى - وهي الحياة التي تفيد المكنة من الانتفاع - وإليها الإشارة بقوله تعالى : * ( وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً ) * ( مريم : 9 ) وقوله : * ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ) * ( البقرة : 28 ) - الآية والمرتبة الثانية - وهي خلق المنتفع به - وإليها الإشارة بقوله تعالى : * ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ) * ولما كانت المصالح الحاصلة في هذا العالم السفلي إنما
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 242