responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 231


الفائدة الرابعة : وجوه تربية الله للعبد كثيرة غير متناهية ، ونحن نذكر منها أمثلة : المثال الأول : لما وقعت قطرة النطفة من صلب الأب إلى رحم الأم فانظر كيف أنها صارت علقة أولاً ، ثم مضغة ثانياً ، ثم تولدت منها أعضاء مختلفة مثل العظام والغضاريف والرباطات والأوتار والأوردة والشرايين ، ثم اتصل البعض بالبعض ، ثم حصل في كل واحد منها نوع خاص من أنواع القوى ، فحصلت القوة الباصرة في العين ، والسامعة في الأذن ، والناطقة في اللسان ، فسبحان من أسمع بعظم ، وبصر بشحم ، وأنطق بلحم ، واعلم أن كتاب التشريح لبدن الإنسان مشهور ، وكل ذلك يدل على تربية الله تعالى للعبد المثال الثاني : أن الحبة الواحدة إذا وقعت في الأرض فإذا وصلت نداوة الأرض إليها انتفخت ولا تنشق من شيء من الجوانب إلا من أعلاها وأسفلها ، مع أن الانتفاخ حاصل من جميع الجوانب : أما الشق الأعلى فيخرج منه الجزء الصاعد من الشجرة ؛ وأما الشق الأسفل فيخرج منه الجزء الغائص في الأرض ، وهو عروق الشجرة ، فأما الجزء الصاعد فبعد صعوده يحصل له ساق ، ثم ينفصل من ذلك الساق أغصان كثيرة ، ثم يظهر على تلك الأغصان الأنوار أولاً ، ثم الثمار ثانياً ، ويحصل لتلك الثمار أجزاء مختلفة بالكثافة واللطافة وهي القشور ثم اللبوب ثم الأدهان ، وأما الجزء الغائص من الشجرة فإن تلك العروق تنتهي إلى أطرافها ؛ وتلك الأطراف تكون في اللطافة كأنها مياه منعقدة ، ومع غاية لطافتها فإنها تغوص في الأرض الصلبة الخشنة ، وأودع الله فيها قوى جاذبة تجذب الأجزاء اللطيفة من الطين إلى نفسها ، والحكمة في كل هذه التدبيرات تحصيل ما يحتاج العبد إليه من الغذاء والأدام والفواكه والأشربة والأدوية ، كما قال تعالى : * ( إنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً ) * ( عبس : 25 ، 26 ) الآيات . المثال الثالث : أنه وضع الأفلاك والكواكب بحيث صارت أسباباً لحصول مصالح العباد ، فخلق الليل ليكون سبباً للراحة والسكون وخلق النهار ليكون سبباً للمعاش والحركة * ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ، ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) * ، ( يونس : 5 ) * ( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ) * ( الأنعام : 97 ) واقرأ قوله : * ( ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً ) * ( النبأ : 5 ، 6 ) - إلى آخر الآية واعلم أنك إذا تأملت في عجائب أحوال المعادن والنبات والحيوان وآثار حكمة الرحمن في خلق الإنسان قضى صريح عقلك بأن أسباب تربية الله كثيرة ، ودلائل رحمته لائحة ظاهرة ، وعند ذلك يظهر لك قطرة من بحار أسرار قوله الحمد لله رب العالمين .
الفائدة الخامسة : أضاف الحمد إلى نفسه فقال تعالى الحمد لله ، ثم أضاف نفسه إلى العالمين

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست