نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 153
فهو مشتق من يقن الماء في الحوض إذا اجتمع فيه ، فاليقين هو العلم الذي حصل بسبب تعاقب الأَمارات الكثيرة وترادفها حتى بلغ المجموع إلى إفادة الجزم ، وذلك في حق الله تعالى محال وأما التبيين فهو عبارة عن الظهور بعد الخفاء ، وذلك لأن التبيين مشتق من البينونة والإبانة وهي عبارة عن التفريق بين أمرين متصلين ، فإذا حصل في القلب اشتباه صورة بصورة ثم انفصلت إحداهما عن الأخرى فقد حصلت البينونة ؛ فلهذا السبب سمي ذلك بياناً وتبييناً ، ومعلوم أن ذلك في حق الله تعالى محال . واحتج القائلون بأنه لا حاجة إلى التوقيف بوجوه : الأول : أن أسماء الله وصفاته مذكورة بالفارسية وبالتركية وبالهندية ، وإن شيئاً منها لم يرد في القرآن ولا في الأخبار ، مع أن المسلمين أجمعوا على جواز إطلاقها . الثاني : أن الله تعالى قال : * ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) * ( الأعراف : 18 ) والاسم لا يحسن إلا لدلالته على صفات المدح ونعوت الجلال ، فكل اسم دل على هذه المعاني كان اسماً حسناً ، فوجب جواز إطلاقه في حق الله تعالى تمسكاً بهذه الآية . الثالث : أنه لا فائدة في الألفاظ إلا رعاية المعاني ، فإذا كانت المعاني صحيحة كان المنع من إطلاق اللفظة المعينة عبثاً ، وأما الذي قاله الشيخ الغزالي رحمة الله تعالى عليه فحجته أن وضع الاسم في حق الواحد منا يعد سوء أدب ، ففي حق الله أولى ، أما ذكر الصفات بالألفاظ المختلفة فهو جائز في حقنا من غير منع ، فكذلك في حق البارئ تعالى . المسألة الثانية : اعلم أنه قد ورد في القرآن ألفاظ دالة على صفات لا يمكن إثباتها في حق الله تعالى ، ونحن نعد منها صوراً ، فأحدها : الاستهزاء ، قال تعالى : * ( الله يستهزئ بهم ) * ( البقرة : 15 ) ثم أن الاستهزاء جهل ، والدليل عليه أن القوم لما قالوا لموسى عليه السلام * ( أتتخذنا هزوا قال : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) * ( البقرة : 67 ) وثانيها : المكر ، قال تعالى : * ( ومكروا ومكر الله ) * ( آل عمران : 54 ) وثالثها : الغضب قال تعالى : * ( وغضب الله عليهم ) * ( الفتح : 6 ) ورابعها : التعجب ، قال تعالى : * ( بل عجبت ويسخرون ) * ( الصفات : 12 ) فمن قرأ عجبت بضم التاء كان التعجب منسوباً إلى الله ، والتعجب عبارة عن حالة تعرض في القلب عند الجهل بسبب الشيء ، وخامسها : التكبر ، قال تعالى : * ( العزيز الجبار المتكبر ) * ( الحشر : 23 ) وهو صفة ذم ، وسادسها : الحياء ، قال تعالى : * ( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما ) * ( البقرة : 26 ) والحياء عبارة عن تغير يحصل في الوجه والقلب عند فعل شيء قبيح . واعلم أن القانون الصحيح في هذه الألفاظ أن نقول : لكل واحد من هذه الأحوال أمور توجد معها في البداية ، وآثار تصدر عنها في النهاية ، مثاله أن الغضب حالة تحصل في
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 153