نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 135
واحتج مثبتو قدم الصفة بأن القادر على الفعل قد يوجده وقد لا يوجده ، ألا ترى أن الله تعالى قادر على خلق ألف شمس وقمر على هذه السماء إلا أنه ما أوجده ، وصحة هذا النفي والإثبات يدل على أن المعقول من كونه موجداً مغاير للمعقول من كونه قادراً ، ثم نقول : كونه موجداً إما أن يكون معناه دخول الأثر في الوجود أو يكون أمراً زائداً ، والأول باطل لأنا نعلل دخول هذا الأثر في الوجود بكون الفاعل موجداً له ، ألا ترى أنه إذا قيل : لم وجد العالم ؟ قلنا : لأجل أن الله أوجده ، فلو كان كون الموجد موجداً له معناه نفس هذا الأثر لكان تعليل وجود الأثر بالموجدية يقتضي تعليل وجوده نفسه ، ولو كان معللاً بنفسه لامتنع إسناده إلى الغير ، فثبت أن تعليل الموجدية بوجود الأثر يقتضي نفي الموجدية ، وما أفضى ثبوته إلى نفيه كان باطلاً ، فثبت أن تعليل الموجدية بوجود الأثر كلام باطل ، فوجب أن يكون كون الموجد موجداً أمراً مغايراً لكون الفاعل قادراً لوجود الأثر ، فثبت أن التكوين غير المكون . إذا عرفت هذا الأصل فنقول : القائلون بأن التكوين نفس المكون قالوا : معنى كونه تعالى خالقاً رازقاً محيياً مميتاً ضاراً نافعاً عبارة عن نسبة مخصوصة وإضافة مخصوصة ، وهي تأثير قدرة الله تعالى في حصول هذه الأشياء . وأما القائلون بأن التكوين غير المكون ، فقالوا معنى كونه خالقاً رازقاً ليس عبارة عن الصفة الإضافية فقط ، بل هو عبارة عن صفة حقيقية موصوفة بصفة إضافية . اعلم أن الصفات الإضافية على أقسام : أحدها : كونه معلوماً مذكوراً مسبحاً ممجداً ، فيقال : يا أيها المسبح بكل لسان ، يا أيها الممدوح عند كل إنسان ، يا أيها المرجوع إليه في كل حين وأوان ، ولما كان هذا النوع من الإضافات غير متناهٍ كانت الأسماء الممكنة لله بحسب هذا النوع من الصفات غير متناهية . وثانيها : كونه تعالى فاعلاً للأفعال صفة إضافية محضة بناءً على أن تكوين الأشياء ليس بصفة زائدة ، إذا عرفت هذا فالمخبر عنه إما أن يكون مجرد كونه موجداً ، أو المخبر عنه كونه موجداً للنوع الفلاني لأجل الحكمة الفلانية ، أما القسم الأول - وهو اللفظ الدال على مجرد كونه موجداً - فههنا ألفاظ تقرب من أن تكون مترادفة مثل : الموجد ، والمحدث ، والمكون ، والمنشئ ، والمبدع ، والمخترع ، والصانع ، والخالق ، والفاطر ، والبارئ ، فهذه ألفاظ عشرة متقاربة ، ومع ذلك فالفرق حاصل : أما الاسم الأول - وهو الموجد - فمعناه المؤثر في الوجود ، وأما المحدث فمعناه الذي جعله موجوداً
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 135