responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البحر المحيط نویسنده : أبي حيان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 631


* أكر على الكتيبة لا أبالي * أحتفي كان فيها أم سواها * الحسرة : شدة الندم ، وهو تألم القلب بانحساره عن مأموله . .
* ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ) * ، سبب النزول : أن الأنصار كانوا يحجون لمناة ، وكانت مناة خزفاً وحديداً ، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فلما جاء الإسلام سألوا ، فأنزلت . وخرّج هذا السبب في الصحيحين وغيرهما . وقد ذكر في التحرّج عن الطواف بينهما أقوال . مناسبة هذه الآية لما قبلها : أن الله تعالى لما أثنى على الصابرين ، وكان الحج من الأعمال الشاقة المفنية للمال والبدن وكان أحد أركان الإسلام ، ناسب ذكره بعد ذلك . والصفا والمروة ، كما ذكرنا ، قيل : علمان لهذين الجبلين ، والأعلام لا يلحظ فيها تذكير اللفظ ولا تأنيثه . ألا ترى إلى قولهم : طلحة وهند ؟ وقد نقلوا أن قوماً قالوا : ذكّر الصفا ، لأن آدم وقف عليه ، وأنثت المروة ، لأن حوّاء وقفت عليها . وقال الشعبي : كان على الصفا صنم يدعى إسافا ، وعلى المروة صنم يدعى نائلة ، فاطرد ذلك في التذكير والتأنيث ، وقدم المذكر . نقل القولين ابن عطية : ولولا أن ذلك دوّن في كتاب ما ذكرته . ولبعض الصوفية وبعض أهل البيت كلام منقول عنهم في الصفا والمروة ، رغبنا عن ذكره . وليس الجبلان لذاتهما من شعائر الله ، بل ذلك على حذف مضاف ، أي إن طواف الصفا والمروة ، ومعنى من شعائر الله : معالمه . وإذا قلنا : معنى من شعائر الله من مواضع عبادته ، فلا يحتاج إلى حذف مضاف في الأول ، بل يكون ذلك في الجر . ولما كان الطواف بينهما ليس عبادة مستقلة ، إنما يكون عبادة إذا كان بعض حج أو عمرة . بين تعالى ذلك بقوله : * ( فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ ) * ، ومن شرطية . * ( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) * ، قرأ الجمهور : أن يطوّف . وقرأ أنس وابن عباس وابن سيرين وشهر : أن لا ، وكذلك هي في مصحف أبي وعبد الله ، وخرج ذلك على زيادة لا ، نحو : * ( مَا مَنَعَكَ أَن * لاَ تَسْجُدُواْ ) * ؟ وقوله :
* وما ألوم البيض أن لا تسخرا * إذا رأين الشمط القفندرا * فتتحد معنى القراءتين ، ولا يلزم ذلك ، لأن رفع الجناح في فعل الشيء هو رفع في تركه ، إذ هو تخيير بين الفعل والترك ، نحو قوله تعالى : * ( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا ) * . فعلى هذا تكون لا على بابها للنفي ، وتكون قراءة الجمهور فيها رفع الجناح في فعل الطواف نصاً ، وفي هذه رفع الجناح في الترك نصاً ، وكلتا القراءتين تدل على التخيير بين الفعل والترك ، فليس الطواف بهما واجباً ، وهو مروي عن ابن عباس ، وأنس ، وابن الزبير ، وعطاء ، ومجاهد ، وأحمد بن حنبل ، فيما نقل عنه أبو طالب ، وأنه لا شيء على من تركه ، عمداً كان أو سهواً ، ولا ينبغي أن يتركه . ومن ذهب إلى أنه ركن ، كالشافعي وأحمد ومالك ، في مشهور مذهبه ، أو واجب يجبر بالدم ، كالثوري وأبي حنيفة ، أو إن ترك أكثر من ثلاثة أشواط فعليه دم ، أو ثلاثة فأقل فعليه لكل شوط إطعام مسكين ، كأبي حنيفة في بعض الرّوايات ، يحتاج إلى نص جلي ينسخ هذا النص القرآني . وقول عائشة لعروة حين قال لها : أرأيت قول الله : * ( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) * ، فما نرى على أحد شيئاً ؟ فقالت : يا عرية ، كلا ، لو كان كذلك لقال : فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما . كلام لا يخرج اللفظ عما دل عليه من رفع الإثم عمن طاف بهما ، ولا يدل ذلك على وجوب الطواف ، لأن مدلول اللفظ إباحة الفعل ، وإذا كان مباحاً كنت مخيراً بين فعله وتركه . وظاهر هذا الطواف أن يكون بالصفا والمروة ، فمن سعى بينهما من غير صعود عليهما ، لم يعد طائفاً . ودلت الآية على مطلق الطواف ، لا على كيفية ، ولا عدد . واتفق علماء الأمصار على أن الرّمل في السعي سنة . وروى عطاء ، عن ابن عباس : من شاء سعى بمسيل مكة ، ومن شاء لم يسع ، وإنما يعني الرمل في بطن الوادي . وكان عمر يمشي بين الصفا والمروة وقال : إن مشيت ، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يمشي ، وإن سعيت ، فقد رأيت

نام کتاب : تفسير البحر المحيط نویسنده : أبي حيان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 631
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست