نام کتاب : تفسير البحر المحيط نویسنده : أبي حيان الأندلسي جلد : 1 صفحه : 615
يكون عليكم الخبر ، وللناس متعلق بلفظ يكون ، لأن كان الناقصة قد تعمل في الظرف والجار والمجرور . * ( إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ) * ، قرأ الجمهور : إلا جعلوها أداة استثناء ، وقرأ ابن عامر وزيد بن علي وابن زيد : ألا بفتح الهمزة وتخفيف لام ألا ، إذ جعلوها التي للتنبيه والاستفتاح . فعلى قراءة هؤلاء يكون إعراب الذين ظلموا مبتدأ ، والجملة من قوله : * ( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِى ) * في موضع الخبر ، ودخلت الفاء لأنه سلك بالذين مسلك الشرط ، والفعل الماضي الواقع صلة هو مستقبل . المعنى : كأنه قيل : من يظلم من الناس ، فلا تخافوا مطاعنهم في قبلتكم . واخشوني : فلا تخالفوا أمري ، ولولا دخول الفاء لترجح نصب الذين ظلموا ، على أن تكون المسألة من باب الاشتغال ، أي لا تخشوا الذين ظلموا ، لا تخشوهم ، لكن ذلك يجوز على مذهب الأخفش في زيادة الفاء ، وأجاز ابن عطية أن يكون الذين نصباً بفعل مقدر على الإغراء . ونقل السجاوندي عن أبي بكر بن مجاهد أنه قرأ إلى الذين ، جعلها حرف جر ، وتأوّلها بمعنى مع . وأما على قراءة الجمهور ، فالاستثناء متصل ، قاله ابن عباس وغيره ، واختاره الطبري ، وبدأ به ابن عطية ، ولم يذكر الزمخشري غيره ، وذلك أنه متى أمكن الاستثناء المتصل إمكاناً حسناً ، كان أولى من غيره . قال الزمخشري : ومعناه لئلا يكون حجة لأحد من اليهود ، إلا للمعاندين منهم القائلين : ما ترك قبلتنا إلى الكعبة إلا ميلاً إلا دين قومه وحباً لبلده ، ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء . فإن قلت : أي حجة كانت تكون للمتصفين منهم لو لم يحوّل حتى احترز من تلك الحجة ولم يبال بحجة المعاندين ؟ قلت : كانوا يقولون : ما له لا يحوّل إلى قبلة أبيه إبراهيم ، كما هو مذكور في نعته في التوراة ؟ فإن قلت : كيف أطلق اسم الحجة على قول المعاندين ؟ قلت : لأنهم يسوقونه سياق الحجة ، انتهى كلامه . وقال ابن عطية : المعنى أنه لا حجة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة للذين ظلموا من اليهود وغيرهم من كل من تكلم في النازلة في قولهم : * ( مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُواْ عَلَيْهَا ) * استهزاء ، وفي قولهم : تحير محمد في دينه ، وغير ذلك من الأقوال التي لم تنبعث إلا من عابد وثن ، أو من يهودي ، أو من منافق . وسماها تعالى : حجة ، وحكم بفسادها حين كانت من ظلمة . انتهى كلامه . وقد اتضح بهذا التقرير اتصال الاستثناء . وذهب قوم إلى أنه استثناء منقطع ، أي لكن الذين ظلموا فإنهم يتعلقون عليكم بالشبهة ، يضعونها موضع الحجة ، وليست بحجة . ومثار الخلاف هو : هل الحجة هو الدليل والبرهان الصحيح ؟ أو الحجة هو الاحتجاج والخصومة ؟ ومثار الخلاف هو : هل الحجة هو الدليل والبرهان الصحيح ؟ أو الحجة هو الاحتجاج والخصومة ؟ فإن كان الأول ، فهو استثناء منقطع ، وإن كان الثاني ، فهو استثناء متصل . قال الزجاج : أي عرفكم الله أمر الاحتجاج في القبلة في قوله تعالى : * ( وَلِكُلّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلّيهَا * لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ * مَن ظَلَمَ ) * ، باحتجاجه فيما قد وضح له ، كما تقول : ما لك عليّ حجة إلا الظلم ، أو إلا أن تظلمني ، أي ما لك حجة البتة ، ولكنك تظلمني . وأجاز قطرب أن يكون الذين في موضع جر بدلاً من ضمير الخطاب في عليكم ، ويكون التقدير : لئلا تثبت حجة للناس على غير الظالمين منهم ، وهم أنتم أيها المخاطبون ، بتولية وجوهكم إلى القبلة . ونقل السجاوندي أن قطرباً قرأ : إلا على الذين ظلموا ، وهو بدل أيضاً على إظهار حرف الجر ، كقوله : * ( لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ ) * ، وهذا ضعيف ، لأن فيه إبدال الظاهر من ضمير الخطاب ، بدل شيء من شيء ، وهما لعين
نام کتاب : تفسير البحر المحيط نویسنده : أبي حيان الأندلسي جلد : 1 صفحه : 615