نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي جلد : 1 صفحه : 305
- ولو سلم - فقد ترتب على اتخاذ العهد الحكم بأنه لا يخلف العهد فيما يستقبل من الزمان فقط ، كما في قوله تعالى : * ( وما بكم من نعمة فمن الله ) * ( النحل : 53 ) كذا أفاده العلامة ، والجواب الأول : مبني على أن - الفاء الفصيحة - لا تنافي تقدير الشرط ، وأنها تفيد كون مدخولها سبباً عن المحذوف سواء ترتب عليه أو تأخر لتوقفه على أمر آخر بدليل أن قوله : فقد جئنا خراسانا علم عندهم في - الفصيحة - مع كونه بتقدير الشرط وعدم الترتب - كما في " شرح المفتاح " الشريفي - ومبنى الثاني : على أن المراد حكمهم لا حكمه تعالى حين النزول ، ولخفاء ذلك قال المولى عصام : - الأظهر - أنه دليل الجزاء وضع موضعه ، أي إن كنتم اتخذتم عند الله عهداً فقد نجوتم لأنه لن يخلف الله عهده فافهم . ومن الناس من لا يقدر محذوفاً ويجعل - الفاء - سببية ليكون اتخاذ العهد مترتباً عليه عدم إخلاف الله تعالى عهده ويكون المنكر حينئذٍ المجموع فتفطن . وهذه الجملة - كما قال ابن عطية - اعتراضية بين * ( اتخذتم ) * والمعادل فلا موضع لها من الإعراب ، وإظهار الاسم الجليل للإشعار بعلة الحكم فإن عدم الاختلاف من قضية الألوهية والعهد مضاف إلى ضميره تعالى لذلك أيضاً ، أو لأن المراد به جميع عهوده لعمومه بالإضافة ، فيدخل العهد المعهود مع التجافي عن التصريح بتحقق مضمون كلامهم ، وإن كان معلقاً على الاتخاذ المعلق بحبال العدم واستدل بالآية من ذهب إلى نفي الخلف في الوعد والوعيد بحمل العهد على الخبر الشامل لهما ، وادعى بعضهم أن العهد ظاهر في الوعد بل حقيقة عرفية فيه فلا دليل فيها على نفي الخلف في الوعيد . * ( أَمْ تَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) * * ( أم ) * يحتمل أن تكون متصلة للمعادلة بين شيئين بمعنى أي هذين واقع اتخاذكم العهد - أم قولكم على الله ما لا تعلمون - وخرج ذلك مخرج المتردد في تعيينه على سبيل التقرير لأولئك المخاطبين لعلم المستفهم - وهو النبي صلى الله عليه وسلم - بوقوع أحدهما ، وهو قولهم بما لا يعلمون على التعيين فلا يكون الاستفهام على حقيقته ، ويعلم من هذا أن الواقع بعد * ( أم ) * المتصلة قد يكون جملة لأن التسوية قد تكون بين الحكمين - وبهذا صرح ابن الحاجب في " الإيضاح " ، ويحتمل أن تكون منقطعة بمعنى - بل - والتقدير بل أتقولون ، ومعنى بل فيها الإضراب والانتقال من التوبيخ بالإنكار على الاتخاذ إلى ما تفيد همزتها من التوبيخ على القول ، وظاهر كلام صاحب " المفتاح " تعين الانقطاع حيث جعل علامة المنقطعة كون ما بعدها جملة ، وإنما علق التوبيخ بإسنادهم إليه سبحانه وتعالى ما لا يعلمون وقوعه مع أن ما أسندوه إليه تعالى من قبيل ما يعلمون عدم وقوعه المبالغة في التوبيخ ، فإن التوبيخ على الأدنى يستلزم التوبيخ على الأعلى بطريق الأولى ، وقولهم المحكي - وإن لم يكن صريحاً بالافتراء عليه جل شأنه - لكنه مستلزم له لأن ذلك الجزم لا يكون إلا بإسناد سببه إليه تعالى . * ( بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِي - اتُهُ فَأُوْلَائِكَ أَصْحَابالنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) * جواب عن قولهم المحكي وإبطال له على وجه أعم شامل لهم ولسائر الكفرة ، كأنه قال : بل تمسكم وغيركم دهراً طويلاً وزماناً مديداً - لا كما تزعمون - ويكون ثبوت الكلية كالبرهان على إبطال ذلك بجعله كبرى لصغرى سهلة الحصول فبلى داخلة على ما ذكر بعدها وإيجاز الاختصار أبلغ من إيجاز الحذف ، وزعم بعضهم أنها داخلة على محذوف وأن المعنى على تمسكم أياماً معدودة - وليس بشيء - وهي حرف جواب - كجير ونعم - إلا أنها لا تقع جواباً إلا لنفي متقدم سواء دخله استفهام أم لا ، فتكون إيجاباً له ، وهي بسيطة . وقيل : أصلها - بل - فزيدت عليها - الألف - والكسب جلب النفع - والسيئة - الفاحشة الموجبة للنار ، قاله السدي ، وعليه تفسير من فسرها بالكبيرة
نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي جلد : 1 صفحه : 305