نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي جلد : 1 صفحه : 303
المراد به ما كتبوه من التأويلات الزائغة وروّجوه على العامة ، وقد قال بعض العلماء : ما انفك كتاب منزل من السماء من تضمن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن بإشارة لا يعرفها إلا العالمون ، ولو كان متجلياً للعوام لما عوتب علماؤهم في كتمانه ، ثم ازداد ذلك غموضاً بنقله من لسان إلى لسان ، وقد وجد في التوراة ألفاظ إذا اعتبرتها وجدتها دالة على صحة نبوته عليه الصلاة والسلام بتعريض هو عند الراسخين جلي ، وعند العامة خفي ، فعمد إلى ذلك أحبار من اليهود فأوّلوه ، وكتبوا تأويلاتهم المحرفة بأيديهم . * ( ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا منْ عنْد اللَّهَ ) * إعظاماً لشأنه وتمكيناً له في قلوب أتباعهم الأميين ، و * ( ثم ) * للتراخي الرتبي ، فإن نسبة المحرفة والتأويل الزائغ إلى الله سبحانه صريحاً أشد شناعة من نفس التحريف والتأويل ، والإشارة إما إلى الجميع ، أو إلى الخصوص . * ( ليَشْتَرُوا به ثَمَناً قَليلاً ) * أي ليحصلوا - بما أشاروا إليه - غرضاً من أغراض الدنيا الدنيئة ، وهو - وإن جل - أقل قليل بالنسبة إلى ما استوجبوه من العذاب الدائم ، وحرموه من الثواب المقيم ، وهو علة للقول - كما في " البحر " - ولا أرى في الآية دليلاً على المنع من أخذ الأجرة على كتابة المصاحف ، ولا على كراهية بيعها ، والأعمش تأول الآية واستدل بها على الكراهة - وطرف المنصف أعمى عن ذلك - نعم ذهب إلى الكراهة جمع منهم : ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - وبه قال بعض الأئمة - : لكن لا أظنهم يستدلون بهذه الآية ، وتمام البحث في محله . * ( فَوَيْل لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أيدْيهمْ وَوَيْلٌ لَهُمُ مِّمَا يَكْسبُونَ ) * - الفاء - لتفصيل ما أجمل في قوله تعالى : * ( فويل للذين يكتبون ) * الخ ، حيث يدل على ثبوت الويل للموصوفين بما ذكر لأجل اتصافهم به بناءً على التعليق بالوصف من غير دلالة على أن ثبوته لأجل مجموع ما ذكر أو لا - بل كل واحد - فبين ذلك بقوله : * ( ويل لهم ) * الخ مع ما فيه من التنصيص بالعلة ، ولا يخفى ما في هذا الإجمال والتفصيل من المبالغة في الوعيد والزجر والتهويل . و ( من ) تعليلية متعلقة بويل أو بالاستقرار في الخبر ، و ( ما ) قيل : موصولة اسمية ، والعائد محذوف ، أي : كتبته وقيل : مصدرية والأول : أدخل في الزجر عن تعاطي المحرف والثاني : في الزجر عن التحريف و ( ما ) الثانية مثلها ، ورجح بعضهم المصدرية في الموضعين - لفظاً ومعنى - لعدم تقدير العائد ، ولأن مكسوب العبد حقيقة فعله الذي يعاقب عليه ويثاب ، وذكر بعض المحققين أن التحقيق أن العبد كما يعاقب على نفس فعله ، يعاقب على أثر فعله ، لإفضائه إلى حرام آخر - وهو هنا يفضي إلى إضلال الغير وأكل الحرام - وغاير بين الآيتين بأنه بين في الأولى : استحقاقهم العقاب بنفس الفعل وفي الثانية : استحقاقهم له بأثره ، ولذا جاء - بالفاء - ولا يخفى أنه كلام خال عن التحقيق - كما لا يخفى على أرباب التدقيق - ومما ذكرنا ظهر فائدة ذكر - الويل - ثلاث مرات ، وقيل : فائدته أن اليهود جنوا ثلاث جنايات . تغيير صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، والافتراء على الله تعالى ، وأخذ الرشوة . فهددوا بكل جناية - بالويل - وكأنه جعل محط الفائدة في قوله تعالى : * ( فويل للذين ) * إلى آخر المعطوف كما في خبر " لا يؤمّن الرجل قوماً فيخص نفسه بالدعاء " وهو - على بعده - لا يظهر عليه وجه إيراد - الفاء - في الثاني ، ثم الظاهر أن مفعول الكسب خاص - وهو ما دل عليه سياق الآية - وقيل : المراد ب * ( ما يكسبون ) * جميع الأعمال السيئة ليشمل القول - ولا يخفى بُعده - وعدم التعرض للقول لما أنه من مبادئ ترويج ( ما كتبت أيديهم ) والآية نزلت في أحبار اليهود الذين خافوا أن تذهب رياستهم بإبقاء صفة النبي صلى الله عليه وسلم على حالها فغيروها ، وقيل : خاف ملوكهم على مُلكهم - إذا آمن الناس - فرشوهم فحرفوا ،
نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي جلد : 1 صفحه : 303