نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي جلد : 1 صفحه : 299
ذلك كمال مذمتهم ، وبهذا التقرير يندفع توهم تكرار ما ذكر - بعد ما عقلوه - وحاصل الآية استبعاد الطمع في أن يقع من هؤلاء السفلة إيمان ، وقد كان أحبارهم ومقدموهم على هذه الحالة الشنعاء ، ولا شك أن هؤلاء أسوأ خلقاً وأقل تمييزاً من أسلافهم أو استبعاداً لطمع في إيمان هؤلاء الكفرة المحرفين ، وأسلافهم الذين كانوا زمن نبيهم فعلوا ذلك فلهم فيه سابقة ، وبهذا يندفع ما عسى أن يختلج في الصدر من أنه كيف يلزم من إقدام بعضهم على التحريف حصول اليأس من إيمان باقيهم . * ( وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُواْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) * * ( وَإذَا لَقُوا الَّذينَ آمَنُوا قَالُوا آمنَّا ) * جملة مستأنفة سيقت إثر بيان ما صدر عن أسلافهم لبيان ما صدر عنهم بالذات من الشنائع المؤيسة عن إيمانهم من نفاق بعض وعتاب آخرين عليهم ، ويحتمل أن تكون معطوفة على * ( وقد كان فريق منهم ) * ( البقرة : 75 ) الخ ، وقيل : معطوف على * ( يسمعون ) * ( البقرة : 75 ) وقيل : على قوله تعالى : * ( وإذ قتلتم نفساً ) * ( البقرة : 72 ) عطف القصة على القصة وضمير * ( لقوا ) * لليهود على طبق * ( أن يؤمنوا لكم ) * ( البقرة : 75 ) وضمير * ( قالوا ) * للاقين لكن لا يتصدى الكل للقول حقيقة ، بل بمباشرة منافقيهم وسكوت الباقين ، فهو إسناد ما للبعض للكل - ومثله أكثر من أن يحصى - وهذا أدخل ، كما قال مولانا - مفتي الديار الرومية - في تقبيح حال الساكتين أولاً : العاتبين ثانياً لما فيه من الدلالة على نفاقهم واختلاف أحوالهم وتناقض آرائهم من إسناد القول إلى المباشرين خاصة بتقدير المضاف ، أي قال منافقوهم - كما فعله البعض - وقيل : الضمير الأول لمنافقي اليهود كالثاني ليتحد فاعل الشرط والجزاء مراعاة لحق النظم ويؤيده ما روي عن ابن عباس والحسن وقتادة في تفسير * ( وإذا لقوا ) * يعني منافقي اليهود المؤمنين الخلّص قالوا : إلا أن السباق واللحاق - كما رأيت وسترى - يبعدان ذلك ، وقرأ ابن السميقع * ( لاقوا ) * . * ( وَإذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْض ) * أي إذا انفرد بعض المذكورين - وهم الساكتون منهم - بعد فراغهم عن الاشتغال بالمؤمنين متوجهين منضمين إلى بعض آخر منهم وهم من نافق ، وهذا كالنص على اشتراك الساكتين في لقاء المؤمنين ، إذ - الخلو - إنما يكون بعد الاشتغال ، ولأن عتابهم معلق بمحض - الخلو - ولولا إنهم حاضرون عند المقاولة لوجب أن يجعل سماعهم من تمام الشرط ، ولأن فيه زيادة تشنيع لهم على ما أوتوا من السكوت ثم العتاب * ( قَالُوا ) * أي أولئك البعض الخالي موبخين لمنافقيهم على ما صنعوا بحضرتهم . * ( أَتُحَدِّثُونَهُم بمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) * أي تخبرون المؤمنين بما بينه الله تعالى لكم خاصة من نعت نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أو من أخذ العهود على أنبيائكم بتصديقه صلى الله عليه وسلم ونصرته ، والتعبير عند - بالفتح - للإيذان بأنه سر مكتوم وباب مغلق ، وفي الآية إشارة إلى أنهم لم يكتفوا بقولهم : * ( آمنا ) * بل عللوه بما ذكر ، وإنما لم يصرح به تعويلاً على شهادة التوبيخ ، ومن الناس من جوّز كون هذا التوبيخ من جهة المنافقين لأعقابهم وبقاياهم الذين لم ينافقوا ، وحينئذ يكون البعض الذي هو فاعل خلا عبارة عن المنافقين ، وفيه وضع المظهر موضع المضمر تكثيراً للمعنى - والاستفهام إنكار - ونهي عن التحديث في الزمان المستقبل وليس بشيء - وإن جل قائله - اللهم إلا أن يكون فيه رواية صحيحة ، ودون ذلك خرط القتاد . * ( ليُحَاجُّوكُم به ) * متعلق بالتحديث دون الفتح خلافاً لمن تكلف له ، والمراد تأكيد النكير وتشديد التوبيخ ، فإن التحديث - وإن كان منكراً في نفسه - لكنه لهذا الغرض مما لا يكاد يصدر عن العاقل ، والمفاعلة هنا غير مرادة ، والمراد ليحتجوا به عليكم ، إلا أنه إنما أتى بها للمبالغة ، وذكر ابن تمجيد أنه لو ذهب أحد
نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي جلد : 1 صفحه : 299