نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 291
وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون وليس المعنى أنه تعالى أخرج الكل من ظهره عليه الصلاة والسلام بالذات بل أخرج من ظهره عليه السلام أبناءه الصلبية ومن ظهرهم أبناءهم الصلبية وهكذا إلى آخر السلسلة لكن لما كان المظهر الأصلي ظهره عليه الصلاة والسلام كان مساق الحديثين الشريفين بيان حال الفريقين إجمالا من غير أيتعلق بذكر الوسايط غرض علمي نسلب إخراج الكل إليه وأما الآية الكريمة فحيث كانت مسوقة للاحتجاج على الكفرة المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان عدم إفادة الاعتذار بإسناد الإشراك إلى آبائهم اقتضى الحال نسبة إخراج كل واحد منهم إلى ظهر أبيهم من غير تعرض لاخراج الأبناء الصلبية لآدم عليه السلام من ظهره قطعا وعدم بيان الميثاق في حديث عمر رضي الله تعالى عنه ليس بيانا لعدمه ولا مستلزما له وأما ما قالوا من أن أخذ الميثاق لإسقاط عذر الغفلة حسبما ينطق به قوله تعالى أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ومعلوم أنه غير دافع لغفلتهم في دار التكليف إذ لا فرد من أفراد البشر يذكر ذلك فمردود لكن لا بما قيل من أن الله عز وجل قد أوضح الدلائل على وحدانيته وصدق رسله فيما أخبروا به فمن أنكره كان معاندا ناقضا للعهد ولزمته الحجة ونسيانهم وعدم حفظهم لا يسقط الاحتجاج بعد إخبار المخبر الصادق بل بأن قوله تعالى أن تقولوا الخ ليس مفعولا لا لقوله تعالى واشهدهم وما يتفرع عليه من قوله بلى شهدنا حتى يجب كون ذلك الإشهاد والشهادة محفوظا لهم في إلزامهم بل لفعل مضمر ينسحب عليه الكلام والمعنى فعلنا ما فعلنا من الأمر بذكر الميثاق وبيانه كراهة ان تقولوا أو لئلا تقولوا أيها الكفرة يوم القيامة إنا كنا غافلين عن ذلك الميثاق لم ننبه عليه في دار التكليف وإلا لعملنا بموجبه هذا على قراءة الجمهور وأما على القراءة بالياء فهو مفعول له لنفس الأمر المضمر العامل في إذ أخذ والمعنى اذكر لهم الميثاق المأخوذ منهم فيما مضى لئلا يعتذروا يوم القيامة بالغفلة عنه أو بتقليد الآباء هذا على تقدير كون قوله تعالى شهدنا من كلام الذرية وهو الظاهر فأما على تقدير كونه من كلامه تعالى فهو العامل في أن تقولوا ولا محذور أصلا إذ المعنى شهدنا قولكم هذا لئلا تقولوا يوم القيامة الخ لأنا نردكم ونكذبكم حينئذ « وكذلك » إشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعجه وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو شأن المشار إليه وبعد منزلته والكاف مقحمة لما أفاده اسم الإشارة من الفخامة والتقديم على الفعل لإفادة القصر ومحله النصب على المصدرية أي ذلك التفصيل البليغ المستتبع للمنافع الجليلة « نفصل الآيات » المذكورة لا غير ذلك « ولعلهم يرجعون » وليرجعوا عما هم عليه من الإصرار على الباطل وتقليد الآباء نفعل التفصيل المذكور قالوا إن ابتدائيتان ويجوز أن تكون الثانية عاطفة على مقدر مترتب على التفصيل أي وكذلك نفصل الآيات ليقفوا على ما فيها من المرغبات والزواجر وليرجعوا الخ « واتل عليهم » عطف
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 291