نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 120
بالمعنى ، لأنه لما ذكر ما تقدم من نعمه ، دل بها على كرمه . وقيل : " إقرأ وربك " أي اقرأ يا محمد وربك يعينك ويفهمك ، وإن كنت غير القارئ . و " الأكرم " بمعنى المتجاوز عن جهل العباد . قوله تعالى : الذي علم بالقلم ( 4 ) فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : " الذي علم بالقلم " يعني الخط والكتابة ، أي علم الانسان الخط بالقلم . وروى سعيد عن قتادة قال : القلم نعمة من الله تعالى عظيمة ، لولا ذلك لم يقم دين ، ولم يصلح عيش . فدل على كمال كرمه سبحانه ، بأنه علم عباده ما لم يعلموا ، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، ونبه على فضل علم الكتابة ، لما فيه من المنافع العظيمة ، التي لا يحيط بها إلا هو . وما دونت العلوم ، ولا قيدت الحكم ، ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم ، ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة ، ولولا هي ما استقامت أمور الدين والدنيا . وسمي قلما لأنه يقلم ، أي يقطع ، ومنه تقليم الظفر . وقال بعض الشعراء المحدثين يصف القلم : فكأنه والحبر يخضب رأسه * شيخ لوصل خريدة يتصنع لم ( 1 ) لا ألاحظه بعين جلالة * وبه إلى الله الصحائف ترفع وعن عبد الله بن عمر قال : يا رسول الله ، أأكتب ما أسمع منك من الحديث ؟ قال : [ نعم فاكتب ، فإن الله علم بالقلم ] . وروى مجاهد عن أبي عمر قال : خلق الله عز وجل أربعة أشياء بيده ، ثم قال لسائر الحيوان : كن فكان : القلم ، والعرش ، وجنة عدن ، وآدم عليه السلام . وفيمن علمه بالقلم ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه آدم عليه السلام ، لأنه أول من كتب ، قاله كعب الأحبار . الثاني : أنه إدريس ، وهو أول من كتب . قاله الضحاك . الثالث : أنه أدخل كل من كتب بالقلم ، لأنه ما علم إلا بتعليم الله سبحانه ، وجمع بذلك نعمته عليه في خلقه ، وبين نعمته عليه في تعليمه ، استكمالا للنعمة عليه .
( 1 ) في الأصول : ( ألا ) في موضع ( لم لا ) ، ولعله تحريف .
120
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 120