نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 4 صفحه : 92
في ليل ولا نهار ، خوفاً من بغا ، وقال : لا أزال على هذه الحالة حتى اعلم لبغا رأسي او رأسه لي ، وكان يقول : اني لأخاف ان ينزل على بغا من السماء او يخرج علي من الأرض ، وقد كان بغا عزم على ان ينحدر سراً فيصل الى سامرا في الليل ، ويصرف الأتراك عن المعتز ، ويفيض فيهم الأموال فكان من امره ما وصفنا . الاتراك والمعتز : ولما رأى الاتراك اقدام المعتز على قتل رؤسائهم ، واعماله الحيلة في فنائهم ، وانه قد اصطنع المغاربة والفراغنة دونهم ، صاروا اليهم بأجمعهم ، وذلك لأربع بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين ، وجعلوا يقرعونه بذنوبه ، ويوبخونه على افعاله ، وطالبوه بالأموال ، وكان المدبر لذلك صالح بن وصيف مع قواد الاتراك ، فلج وانكر ان يكون قبله شيء من المال ، فلما حصل [1] المعتز في ايديهم بعث الى مدينة السلام في محمد ابن الواثق الملقب بالمهتدي ، وقد كان المعتز نفاه إليها واعتقله فيها ، فأتى به في يوم وليلة الى سامرا ، فتلقاه الأولياء في الطريق ، ودخل الى الجوسق وأجاب المعتز الى الخلع ، على ان يعطوه الامان ان لا يقتل وان يؤمنوه على نفسه وماله وولده ، وابى محمد بن الواثق ان يقعد على سرير الملك او يقبل البيعة حتى يرى المعتز ويسمع كلامه ، فأتي بالمعتز وعليه قميص مدنس وعلى رأسه منديل ، فلما رآه محمد بن الواثق وثب اليه فعانقه ، وجلسا جميعاً على السرير ، فقال له محمد بن الواثق : يا اخي ، ما هذا الأمر ؟ قال المعتز : امر لا أطيقه ، ولا اقوم به ، ولا اصلح له ، فأراد المهتدي ان يتوسط امره ويصلح الحال بينه وبين الاتراك ، فقال المعتز : لا حاجة لي فيها ، ولا يرضونني لها ، قال المهتدي : فأنا في حل من بيعتك ، قال : أنت في حل وسعة فلما جعله في حل من بيعته حوّل وجهه عنه ، فأقيم عن حضرته ، ورد الى محبسه ، فقتل في محبسه بعد ان خلع بستة ايام ، على ما قدمنا في صدر