نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 158
الأهوال الشديدة حتى هجم الليل عليهم وتراجعت الروم إلى مدينتهم وغلقوا الأبواب وطلعوا على الاسوار ورجعت المسلمون إلى رحالهم وخيامهم وباتوا ليلتهم يتحارسون فلما أصبح الصباح قال الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه يا معاشر المسلمين ما بالكم قد صدكم هؤلاء القوم وبعد الطمع فيهم ما بالكم هزمتم وجزعتم منهم والله ألبسكم عافية مجللة وسلامة سابغة وأظفركم على بطارقة الروم وفتح لكم الحصون والقلاع فما هذا التقصير والله تعالى مطلع عليكم فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه هؤلاء فرسان الروم أشد الرجال ليس فيهم سوقة ولا جبان وقد تعلم أنهم يكونون أشد في الحرب لأنهم يمنعون عن الذراري والنسوان فقال أبو عبيدة رضي الله عنه فما الرأي عندك يا أبا سليمان يرحمك الله فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه أيها الأمير قد رأيت من الرأي اننا ننكشف للقوم غدا وندع لهم سوائمنا وابلنا فإذا تباعدنا عن مدينتهم وتبعتنا خيلهم وتباعدوا عن مدينتهم وصاروا معنا عطفنا عليهم ومزقناهم بالأسنة ونقطع ظهورهم لبعدهم عن مدينتهم فقال أبو عبيدة نعم الرأي ما رأيت يا أبا سليمان ولقد أشرت وأحسنت قال وتواعد المسلمون على أن ينكشفوا بين أيدي الروم وان يتركوا لهم سوائمهم فلما أصبح الصباح فتحت أبواب حمص وخرجت الروم من جميع الأبواب وزحفوا يريدون القتال فسألهم العرب كفوا القتال واروهم التقصير والخوف واطمعوهم في أنفسهم وجعلوا ينحرفون عن قتالهم حتى تضاحى النهار وانبسطت الشمس وطاب الحرب وطمعت الروم في المسلمين لما بان لهم من تقصيرهم فشد الروم بالحملة عليهم فانهزمت العرب من بين أيديهم وتركوا سوائمها قال نوفل بن عامر حدثنا عرفجة بن ماجد النميمي عن سراقة النخعي وكان ممن حضر يوم حمص قال لما انهزمت العرب أمام الروم وتبعنا هربيس البطريق في خمسة آلاف اشهب وكانوا أشد الروم قال سراقة بن عامر وانهزمنا امام القوم كأننا نطلب الزراعة وجوسية وأدركتنا البطارقة وبعضهم مال إلى السواد طمعا في الزاد والطعام قال الواقدي وكان بحمص قسيس كبير السن عظيم القدر عند الروم قد حنكته التجارب وعرف أبواب الحيل والخداع وكان عالما من علماء الروم وقد قرأ التوراة والإنجيل والزبور والمزامير وصحف شيث وإبراهيم وأدرك حواري عيسى ابن مريم عليه السلام فلما أشرف ذلك القسيس ونظر إلى العرب وقد ملك الروم سوادهم جعل يصيح ويقول وهو ينادي وحق المسيح ان هذه خديعة ومكر ومكيدة من مكايد العرب وان العرب لا تسلم أولادها وابلها ولو قتلوا عن آخرهم قال وجعل القسيس يصيح وأهل حمص قد وقعوا في النهب وليس يغنيهم سوى الزاد والطعام والبطريق هربيس قد ألح في طلب المسلمين في خمسة آلاف فارس فلما أبعدوا عن المدينة صاح الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه برفيع صوته اعطفوا على الروم كالسباع
158
نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 158