نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 94
فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها أغضبني ( 1 ) . إنما فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما آذاها ( 2 ) . وتكبر فاطمة ( ع ) وتشب ، ويشب معها حب أبيها لها ، ويزداد حنانه عليها ، وتبادله فاطمة هذا الحب ، وتملأ قلبه بالعطف والرعاية فيسميها أم أبيها ( 3 ) ، وقد عايشت وشهدت - وهي لما تزال صبية - محنة أبيها وأذى قريش واستهزاءهم به ، فساهمت هذه المواقف الصعبة في صنع شخصيتها ، وعلمتها كيف تواجه الحياة بجلادة ، وكيف تنتصر على المحن التي تنتظرها ، فلقد كانت هذه الشدائد تمر على الزهراء ( ع ) بمثابة تأهيل نفسي : لتستقبل وتتهيأ لما ينتظرها من عزائم الأمور . وبعد الهجرة المباركة من مكة إلى يثرب تحل فاطمة بدار هجرتها ، وتنضم إلى بيت أبيها المتواضع ، فتنعم بعنايته وحبه ورعايته التي لم يحظ أحد من الناس بها ، وحتى أزواجه اللاتي جئن بعد خديجة ، سواها . عن أم سلمة أنها قالت : تزوجني رسول الله ( ص ) وفوض أمر ابنته إلي ، فكنت أؤدبها ، وكانت والله أأدب مني ، وأعرف بالأشياء كلها ( 4 ) . ولما كانت فاطمة ( س ) ذات الشرف والمجد الرفيع تعيش في كنف أبيها ، فقد اتجهت الأنظار إليها ، وكل يحدث نفسه بأن يحظى بالاقتران بها ، لينال شرف الانتساب إلى أشرف خلق الله ، فهي أعظم امرأة في شرفها ودينها ومكانتها عند بارئها . وحين اعتذر رسول الله ] ص [ عن تزويج فاطمة لأبي بكر ولعمر : ذهبا إلى علي ( ع ) وهو يسقي في بستان نخل فقالا : قد عرفنا قرابتك من رسول الله ، وقدمك في الإسلام ، فلو أتيت إلى رسول الله ( ص ) فخطبت إليه فاطمة : لزادك الله فضلا إلى فضلك ، وشرفا إلى شرفك ، فإنا نرجو أن يكون الله ورسوله إنما يحبسانها عليك ، فانطلق وأقبل إلى النبي ( ص ) ، وكان في منزل أم سلمة فسلم عليه فرد عليه السلام ، وجلس بين يديه ، ينظر إلى الأرض ، فقال له النبي ( ص ) : أتيت لحاجة ؟ قال : نعم أتيتك خاطبا ابنتك فاطمة ، فهل أنت مزوجي يا رسول الله ؟ قالت أم سلمة : فرأيت وجه رسول الله يتهلل فرحا و سرورا ، ثم يبتسم في وجه علي ، ودخل على فاطمة فقال لها : إن علي بن أبي طالب قد عرفت قرابته ، وفضله وإسلامه وإني قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه ، وأحبهم إليه ، و قد ذكر من أمرك شيئا ، فما ترين ؟ فسكتت ، فخرج رسول الله ( ص ) وهو يقول : الله أكبر ، سكوتها إقرارها ، فقال : يا علي هل معك شئ أزوجك به ؟ قال : سيفي ودرعي وناضحي ، فقال : أما سيفك فلا غنى بك عنه ، تجاهد به في سبيل الله ، وتقاتل به أعداء الله ، وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك ،
1 - البخاري ج 2 ص 185 ، ومسند أحمد ج 4 ص 332 ، والإصابة لابن حجر ج 4 ص 378 ، و غيرها . 2 - سنن الترمذي ج 5 ص 699 ، وفضائل الخمسة للفيروز آبادي ج 3 ص 185 ، وغيرهما . 3 - أسد الغابة لابن الأثير ج 5 ص 520 ، والاستيعاب لابن عبد البر ج 4 ص 380 . 4 - راجع دلائل الإمامة باسناده عن ابن عباس ، وبحار النوار للمجلسي ج 43 ص 10 .
94
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 94