نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 237
عزا قد ألبسناه الله ، وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديما وحديثا ، وما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك ، من تبعيدهم والتصغير بهم ، وقد كنا في وهلة من عملك مع الرضا ( ع ) ما عملت ، فكفانا اله المهم من ذلك ، فالله الله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا ، واصرف رأيك عن ابن الرضا ، وأعدل إلى من طراه من أهل بيتك يصلح لذلك دون غيره . فقال لهم المأمون : أماما بينكم وبين آل أبي طالب ، فأنتم السبب فيه ، ولو أنصفتم القوم لكانوا أولى بكم ، وأما ما كان يفعله من قبلي بهم ، فقد كان قاطعا للرحم ، وأعوذ بالله من ذلك ، والله ما ندمت على ما كان منى من استخلاف الرضا ، ولقد سألته أن يقوم بالامر ، من نفسي فأبى ، وكان أمر الله قدرا مقدورا . وأما أبو جعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والفضل ، مع صغر سنه ، والأعجوبة فيه بذلك ، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه ، فيعلمون أن الرأي ما رأيت فيه ، فقالوا له : ان هذا الفتى وان راقك منه هديه ، فإنه صبي لا معرفة له ولا فقه ، فأمهله ليتأدب ، ثم اصنع ما تراه بعد ذلك ، فقال لهم : وتحكم انى أعرف بهذا الفتى منكم ، وان أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى ومواده و الهامه ، لم تزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال ، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت لكم من حاله ( 1 ) . وفعلا فقد ثار - الجدل والحوار حول شخصية الإمام الجواد محمد بن علي الرضا ( ع ) لصغر سنه وعدم بلوغه ، فقد كان صبيا ، عمره نحو سبع سنوات يوم وفاة أبيه ( ع ) ، وقد أتحفتنا كتب التاريخ والسير بجانب من تلك المناظرات حول شخصية الامام وعلمه ولياقته في هذه السن للإمامة ، وذكرت تفرق بعض أتباع أهل البيت ( ع ) عن الإمام الجواد ( ع ) ، وفيما يأتي نتناول جانبا من هذه النصوص الوثائقية ، لننتهي معها إلى ما انتهت إليه من تثبيت إمامته ( ع ) ، فقد كتب الشيخ المفيد ، وهو من أعاظم علماء أهل البيت ( ع ) في القرن الرابع للهجرة تحليلا لذلك بقوله . ثم إن الأمة استمرت على القول بأصول الإمامة طوال أيام أبى الحسن الرضا ( ع ) فلما توفي وخلف ابنه أبا جعفر ( ع ) وله عند وفاة أبيه سبع سنين ، اختلفوا وتفرقوا ثلاث فرق : فرقة مضت على سنن القول في الإمامة ودانت بإمامة أبى جعفر ( ع ) ، ونقلت النص عليه ، وهي أكثر الفرق عددا ، وفرقة أخرى ارتدت إلى قول الواقفة ، رجعوا عما كانوا عليه من إمامة الرضا ( ع ) ، وفرقة ثالثة قالت بإمامة أحمد بن موسى ( 2 ) ، وزعموا أن الرضا ( ع ) وصى إليه ونص بالإمامة عليه ، واعتل الفريقان الشاذان عن أصل الإمامة بصغر سن أبى جعفر ( ع ) ، وقالوا : لا يجوز أن يكون إمام الزمان صبيا لم
1 - البحار للمجلسي ج 5 ص 74 نقلا عن الامتجاج . 2 - أحمد بن موسى : أخو الامام على بن موسى الرضا ( ع ) .
237
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 237