نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 189
والتسلط والاستئثار الذي مارسه الحكام الأمويون في عصره ، فاندفع بروح الثائر الذي لم ير غير السيف والقوة لغة للخطاب ، ولا سواهما أسلوبا للتعامل مع الحاكم الجائر ، فقرر الثورة المسلحة وقيادة المظلومين والمضطهدين ضد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك سنة إحدى وعشرين ومئة ه وكان ذلك في عهد الإمام محمد الباقر ( ع ) أخي زيد ، وكان عمر الإمام الصادق ( ع ) يومها نحو ( 38 سنة ) وقد بلغ تردى الأوضاع و انتشار الظلم والفساد والفقر وبذخ الحكام واستئثارهم حدا لا يطاق . وقد كتب المؤرخون وصفا وافيا لسوء الأوضاع وتدهورها ، نقتطف منها وصف المؤرخ الشهير أبى الحسن المسعودي ، وهو يصف هشام بن عبد الملك : وصف المؤرخ الشهير أبى الحسن المسعودي ، وهو يصف هشام بن عبد الملك : وكان أحول ، خشنا فظا ، غليظا ، يجمع الأموال ( 1 ) . ونقل أيضا : وبعث عبد الملك إلى عامله في الجزيرة يأمره بإحصاء الجماجم واعتبار الناس كلهم عمالا ، وأن يجمع ما يجنيه كل انسان في مجموع السنة ، ويأخذ منه ما يبقى من نفقته ، فأحصاهم العامل واعتبرهم عمالا بأجر معين ، واستثنى من مجموع الدخل السنوي نفقتهم و كسوتهم في تمام السنة ، فوجد أنه يبقى لكل فرد أربعة دنانير ، فألزمهم بدفعها . هذا نموذج من الحياة الاقتصادية وتوزيع الثروة ، المخالف لمبادئ الاسلام الاقتصادية وقوانينه العادلة ، إضافة إلى الظلم السياسي والقتل والارهاب والملاحقة ، فهذه الظروف السياسية والاجتماعية هي التي أحاطت بشخص الإمام الصادق ( ع ) وبآبائه من قبله ، في ظل الحكم الأموي . هي إحدى الأسباب التي دعت زيد بن علي إلى الثورة ، فاختار الكوفة منطلقا لثورته : و أقام فيها بضعة عشر شهرا وأرسل دعاته إلى الآفاق ( 2 ) . وأقبلت الشيعة وغيرهم يختلفون إليه ويبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من الكوفة خاصة ، سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والمواصل وخراسان والري و جرجان ( 3 ) . والمتأمل في هذه الوثيقة التأريخية السياسية يدرك بوضوح سخط الأمة على الحكم الأموي ، وانتشار روح الثورة في معظم الحواضر والمراكز الاسلامية الكبرى ، مما يعكس طبيعة الحكم ، ويكشف حقيقته المنافية لكل القيم الاسلامية ونستطيع أن نكتشف هذه الحقيقة عن طريق التأمل في سلوك الحكام الأمويين ، الذي عرضنا
1 - المسعودي / مروج الذهب / ج / 3 ص 205 . 2 - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص 135 . 3 - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص 135 .
189
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 189