نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 185
نفسه وخلاصا من الموت الذي يدبر له في الظلام . وهكذا تظاهر الجعفي بالجنون ، وامتطى قصبة ، وعلق كعبا في رقبته ، فاجتمع عليه الصبيان في أزقة الكوفة والجميع يقولون : جن جابر ( 1 ) ! ! ! . ولم تمض غير أيام قلائل حتى أتت أوامر هشام إلى واليه على الكوفة بوجوب قتل جابر الجعفي وانفاذ رأسه إلى دمشق ، غير أن الوالي حين سأل عنه من أجل أن ينفذ فيه الجريمة ، قيل له : أصلحك الله كان رجلا له فضل وعلم وجن ، وهو دائر في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم ( 2 ) . فعدل الحاكم المحلى عن قتله بعد اقتناعه بجنونه . ان هشام بن عبد الملك كان واثقا من أن مصدر الوعي الاسلامي الصحيح انما هو الإمام الباقر ( ع ) ، وأن وجوده حرا طليقا يمنحه مزيدا من الفرص لرفد الحركة الاصلاحية في الأمة وتكريس مدها المتعاظم ، ومن أجل ذلك رأت السياسة المنحرفة ممثلة بحفيد مروان أن يحال بين الإمام ( ع ) وبين استمراريته بالعمل الرسالي لصالح الاسلام والأمة ، وقد اتجه المكر الأموي نحو اعتقال الإمام ( ع ) ، وابعاده عن عاصمة جده المصطفى ( ص ) ، التي اجتمعت هي والحجاز عموما على اجلاله والتمسك به . وهكذا حمل الإمام ( ع ) وابنه جعفر الصادق ( ع ) إلى دمشق بأمر السلطة الأموية لايقاف تأثيره في الأمة المسلمة ، وحجبه عن أداء دوره الرسالي العظيم ، وأودع في أحد سجون الحكم هناك . بيد أن تأثيره الفكري فيمن التقى بهم حمل السلطة الأموية على اطلاق سراحه كما تفيد رواية أبى بكر الحضرمي ، حيث يقول : . لما حمل أبو جعفر إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك ، وصار ببابه ، قال هشام لأصحابه : إذا سكت من توبيخ محمد بن علي فلتوبخوه ، ، ثم أمر أن يؤذن له ، فلما دخل عليه أبو جعفر قال بيده : السلام عليكم ، وأشار بيده ، فعمهم جميعا بالسلام ، ثم جلس ، فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام بالخلافة ، وجلوسه بغير اذن . فقال : يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه وزعم أنه الامام سفها وقلة علم ، وجعل يوبخه . فلما سكت هشام اقبل القوم عليه رجلا بعد رجل يسئ الأدب فلما سكت القوم نهض الإمام ( ع ) قائما ثم قال : أيها الناس أنى تذهبون وأنى يراد بكم ؟ بنا هدى الله أولكم ، وبنا يختم آخركم ، فان يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكا مؤجلا ، وليس من بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة ، ويقول الله عز وجل : ( والعاقبة للمتقين ) . فأمر به هشام إلى الحبس . فلما صار في الحبس تكلم ، فلم يبق في الحبس رجلا ترشفه وحسن عليه ، فجاء صاحب السجن إلى
1 - ابن شهرآشوب / المناقب / ج 4 ص 191 . 2 - ابن شهرآشوب / المناقب / ج 4 / ص 191 .
185
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 185