نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 168
فهذا الموقف العظيم الذي وقفته هذه السيدة الطاهرة مثل الحق تمثيلا ، وأضاء إلى الحقيقة لطلابها سبيلا ، وأفحمت يزيد ومن حضر مجلسه المشؤوم بذلك الأسلوب الراقي من البلاغة ، وأبهتت العارفين منهم بما أخذت به مجامع قلوبهم من الفصاحة ، فخرست الألسن وكمت الأفواه ، وصمت الآذان ، وصعقت تلك النفس النورانية القاهرة منها عليها السلام تلك النفوس الخبيثة الرذيلة ، من يزيد وأتباعه ، بصعقة الحق والفضيلة ، حتى بلغ به الحال أنه صبر على تكفيره وتكفير أتباعه ، ولم يتمكن من أن ينبس ببنت شفة ، يقطع كلامها ، أو يمنعها من الاستمرار في خطابتها ، وهذا هو التصرف الذي يتصرف به أرباب الولاية متى شاءوا وأرادوا ، بمعونة الباري تعالى لهم ، وإعطائهم القدرة على ذلك . زهدها ( س ) وانقطاعها في سبيل نصرة الدين : . كانت عليها السلام في بيت زوجها عبد الله بن جعفر الجواد ، وهو من علمت في ثروته و يساره ، وكثرة أمواله وخدمه وحشمه يوم ذاك ، وكانت تخدمها العبيد والإماء والأحرار ، ويطوف حول بيتها ذوو الحوائج وطالبو المعونة ، وكان بيتها الرفيع و حرمها المنيع لا يضاهيه في العز والشرف ، وبعد الصيت إلا بيوت الخلفاء والملوك . فتركت ذلك كله لوجه الله ، وانقطعت عن علائق الدنيا بأسرها في سبيل الله ، وأعرضت عن زهرة الحياة من المال والبيت والزوج والولد والخدم والحشم ، وصحبت أخاها الحسين عليه السلام ، ناصرة لدين الله ، باذلة النفس والنفيس لإمامها ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، مع علمها بجميع ما سيجري عليها من المصائب والنوائب ، كما سمعته في حديث أم أيمن ، مؤثرة الآخرة على الدنيا والآخرة خير وأبقى . ومن زهدها عليها السلام بالدنيا وعدم ركونها إلى نعيمها : هو ما رواه البكري و غيره : إن يزيد بن معاوية لعنه الله لما عزم على إرجاع سبايا آل الرسول ( ص ) من الشام إلى المدينة - بعد أن أحس بغضب الرأي العام عليه في قتله الحسين عليه السلام ، و سبيه بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يطاف بهن من بلد إلى بلد : خاف عاقبة أمره ، وأظهر أن هذه الأعمال لم تكن برضى منه ، وصار يلعن عبيد الله بن زياد على رؤوس الأشهاد . ومن جملة أعماله التي كان يراها بزعمه تبرئ أفعاله : أن صب الأموال العظيمة على الأنطاع ، وأحضر أهل بيت النبوة ، وقال لزينب : يا أم كلثوم ، خذي هذه الأموال عوضا عن الحسين ، واحسبي كأن قد مات ، فقالت : يا يزيد ما أقسى قلبك ، تقتل أخي وتعطيني المال ، والله لا كان ذلك أبدا ، وخرجت مع أهل بيتها ، ولم تقبل منه شيئا ، وقد رد عليهن بعض ما كان أخذ منهن ، وفي ذلك مغزل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ومقنعتها وقلادتها وقميصها عليها السلام . وهذه الرواية رويت عن أبي مخنف أيضا بتغيير يسير . ومن زهدها : ما روي عن السجاد عليه السلام من أنها صلوات الله عليها ما ادخرت شيئا من يومها لغدها أبدا . وروى المجلسي وغيره : إن الرسول الذي ساير أهل البيت في طريقهم من الشام إلى المدينة كان قد أحسن صحبته لهم ، ولما قربوا من المدينة قالت فاطمة بنت أمير المؤمنين عليه
168
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 168