نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 129
هنا يوجه القدر الحكيم أذكى ضرباته ، فيقف ابن يزيد نفسه ليحمل شعلة الحسين ( ع ) و يزيد الجذوة ضراما : حين يجمع الناس ليوم مشهود ، ثم يعلن فيهم أن جده وأباه اغتصب الحق من أهله ! ! ! ، وأنه يبرأ إلى الله مما جنت أيديهما ! ! وأنه يربأ بنفسه وبتقواه من أن يجلس على العرش الملوث بالجريمة ! ! ثم يعلن عليهم اعتزاله منصبه ، ويعتكف الناس في بيته ، حتى يأتيه الموت ، فيلقى الله تقيا نقيا سعيدا ( 1 ) . وبعد ذلك كله ، لو أن الإمام لم يلبي دعوة أهل الكوفة ، وبايع يزيد ، أو أنه لم يبايع يزيد ، ولكنه استشهد بمكان آخر : كان عندئذ قد فرط في حق أهل الكوفة ، وكان الناس - أبد الدهر وجيلا بعد جيل - يسجلون لأهل الكوفة الحق على الإمام ، وفي يوم القيامة كانت لهم الحجة . إذن فما فعله ( ع ) مع أهل الكوفة كان من باب إتمام الحجة عليهم ، وكان الإمام ( ع ) يعلم - بالبداهة ، وبحسب حكم طبائع الأشياء ، وبصرف النظر عما كان قد علمه من الأمور الغيبية بإنباء رسول الله عن الله عز اسمه بمقتله - : يعلم أن عليه أن يختار أحد اثنين لا ثالث لهما : إما البيعة ، وإما القتل . إذن فإن نهضة الإمام الحسين ( ع ) وثورته على طواغيت عصره : لم تكن مشكلة تسلط الحاكم الجائر ، لكي يعالج بتبديله بحاكم عادل : بل كانت مشكلة ضياع الأحكام الاسلامية ، و تدين المسلمين بطاعة الخليفة ، مهما كانت أوامره ، حيث كان المسلمون في عاصمتي الاسلام ، مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وعاصمتي الخلافة ، الكوفة والشام ، يرون التمسك بالدين في طاعة الخليفة مهما كانت صفاته ، وفي كل ما يأمر ، ويرون في الخروج عليه شقا لعصا المسلمين ، ومروقا من الدين . وعليه فإن الإمام ( ع ) كما قلنا إن بايع يزيد ، حظي بعيش رغيد في الدنيا ، مع بقاء حب المسلمين له ، فضلا عن المغريات الدنيوية المادية : لكن الإمام يعلم أن بيعته ليزيد ، أولا - إقرار منه ليزيد على كل فجوره وكفره وتظاهره بهما ، وثانيا - إقرار منه للسواد الأعظم من المسلمين فيما يعتقدونه في أمثال يزيد ، ممن تربع على دست الخلافة بالبيعة ، بأنهم الممثلون الشرعيون لله ولرسوله ( ص ) ، وأن طاعتهم واجبة ، وفي كلا الإقرارين قضاء على شريعة جده سيد المرسلين ، ويكون مصيرها بعد ذلك مصير شريعة موسى وعيسى وشرائع سائر النبيين عليهم السلام جميعا . الإمام الرابع : زين العابدين علي بن الحسين ( ع ) : . ولادته وحياته : . في ظل حكم ورعاية الإمام علي بن أبي طالب ( ع ) حين كان خليفة للأمة الاسلامية وربان سفينتها وقائد مسيرتها ، ولد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام بالمدينة المنورة ، في يوم الخميس ، الخامس من شهر شعبان من سنة ثمان وثلاثين من الهجرة ، قبل وفاة جده أمير المؤمنين ( ع ) بسنتين ، أمه أم ولد ، اسمها غزالة ، وقيل : كان اسمها ( شاه زنان )
1 - خالد محمد خالد : أبناء الرسول في كربلاء ص 193 .
129
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 129