نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 540
أبو بكر رحمه الله وهو لعمري مذهب حسن إلا أن العوائد لا تساعد عليه وهي أملك بالأحوال ووجه ما اختصت به العوائد من تقدم دراسة القرآن إيثارا للتبرك والثواب وخشية ما يعرض للولد في جنون الصبي من الآفات والقواطع عن العلم فيفوته القرآن لأنه ما دام في الحجر منقاد للحكم فإذا تجاوز البلوغ وانحل من ربقة القهر فربما عصفت به رياح الشبيبة فألقته بساحل البطالة فيغتنمون في زمان الحجر وربقة الحكم تحصيل القرآن لئلا يذهب خلوا منه ولو حصل اليقين باستمراره في طلب العلم وقبوله التعليم لكان هذا المذهب الذي ذكره القاضي أولى ما أخذ به أهل المغرب والمشرق ولكن الله يحكم ما يشاء لا معقب لحكمه الفصل الثاني والثلاثون في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم وذلك أن إرهاف الحد بالتعليم مضر بالتعليم سيما في أصاغر الولد لأنه من سوء الملكة ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا به القهر وضيق عن النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه وعلمه المكر والخديعة لذلك وصارت له هذه عادة وخلقا وفسدت معاني الانسانية التي له من حيث الاجتماع والتمرن وهي الحمية والمدافعة عن نفسه ومنزله وصار عيالا على غيره في ذلك بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتها فارتكس وعاد في أسفل السافلين وهكذا وقع لكل أمة حصلت في قبضة القهر ونال منها العسف واعتبره في كل من يملك أمره عليه ولا تكون الملكة الكافلة له رفيقة به وتجد ذلك فيهم استقراء وانظره في اليهود وما حصل بذلك فيهم من خلق السوء حتى إنهم يوصفون في كل أفق وعصر بالحرج ومعناه في الاصطلاح المشهور التخابث والكيد وسببه ما قلناه فينبغي للمعلم في متعلمه والوالد في ولده أن لا يستبدا عليهما في التأديب وقد قال محمد بن أبي زيد في كتابه الذي ألفه في حكم المعلمين والمتعلمين لا ينبغي لمؤدب الصبيان أن يزيد في ضربهم إذا احتاجوا إليه على ثلاثة أسواط شيئا ومن
540
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 540