responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 519


فهذا التهذيب الذي توصلوا إلى معرفته إنما نفعه في البهجة الناشئة عن الادراك الروحاني فقط الذي هو على مقاييس وقوانين وأما ما وراء ذلك من السعادة التي وعدنا بها الشارع على امتثال ما أمر به من الاعمال والاخلاق فامر لا يحيط به مدارك المدركين وقد تنبه لذلك زعيمهم أبو علي ابن سينا فقال في كتاب المبدأ والمعاد ما معناه إن المعاد الروحاني وأحواله هو ما يتوصل إليه بالبراهين العقلية والمقاييس لأنه على نسبة طبيعية محفوظة ووتيرة واحدة فلنا في البراهين عليه سعة وأما المعاد الجسماني وأحواله فلا يمكن إدراكه بالبرهان لأنه ليس على نسبة واحدة وقد بسطته لنا الشريعة الحقة المحمدية فلينظر فيها وليرجع في أحواله إليها فهذا العلم كما رأيته غير واف بمقاصدهم التي حوموا عليها مع ما فيه من مخالفة الشرائع وظواهرها وليس له فيما علمنا إلا ثمرة واحدة وهي شحذ الذهن في ترتيب الأدلة والحجج لتحصيل ملكة الجودة والصواب في البراهين وذلك أن نظم المقاييس وتركيبها على وجه الاحكام والاتقان هو كما شرطوه في صناعتهم المنطقية وقولهم بذلك في علومهم الطبيعية وهم كثيرا ما يستعملونها في علومهم الحكمية من الطبيعيات والتعاليم وما بعدها فيستولي الناظر فيها بكثرة استعمال البراهين بشروطها على ملكة الاتقان والصواب في الحجج والاستدلالات لأنها وإن كانت غير وافية بمقصودهم فهي أصح ما علمناه من قوانين الانظار هذه ثمرة هذه الصناعة مع الاطلاع على مذاهب أهل العلم وآرائهم ومضارها ما علمت فليكن الناظر فيها متحرزا جهده من معاطبها وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهو خلو من علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاطبها والله الموفق للصواب وللحق والهادي إليه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله الفصل الخامس والعشرون في ابطال صناعة النجوم وضعف مداركها وفساد غايتها هذه الصناعة يزعم أصحابها أنهم يعرفون بها الكائنات في عالم العناصر قبل حدوثها من قبل معرفة قوى الكواكب وتأثيرها في المولدات العنصرية مفردة ومجتمعة فتكون لذلك أوضاع الأفلاك والكواكب دالة على ما سيحدث من نوع من أنواع

519

نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 519
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست