نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 493
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم الفصل التاسع عشر في علم الطب ومن فروع الطبيعيات صناعة الطب وهي صناعة تنظر في بدن الانسان من حيث يمرض ويصح فيحاول صاحبها حفظ الصحة وبرء المرض بالأدوية والأغذية بعد أن يتبين المرض الذي يخص كل عضو من أعضاء البدن وأسباب تلك الأمراض التي تنشأ عنها وما لكل مرض من الأدوية مستدلين على ذلك بأمزجة الأدوية وقواها وعلى المرض بالعلامات المؤذنة بنضجه وقبوله الدواء أولا في السجية والفضلات والنبض محاذين لذلك قوة الطبيعة فإنها المدبرة في حالتي الصحة والمرض وإنما الطبيب يحاذيها ويعينها بعض الشئ بحسب ما تقتضيه طبيعة المادة والفصل والسن ويسمى العلم الجامع لهذا كله علم الطب وربما أفردوا بعض الأعضاء بالكلام وجعلوه علما خاصا كالعين وعللها وأكحالها وكذلك ألحقوا بالفن من منافع الأعضاء ومعناها المنفعة التي لاجلها خلق كل عضو من أعضاء البدن الحيواني وإن لم يكن ذلك من موضوع علم الطب إلا أنهم جعلوه من لواحقه وتوابعه وإمام هذه الصناعة التي ترجمت كتبه فيها من الأقدمين جالينوس يقال إنه كان معاصرا لعيسى عليه السلام ويقال إنه مات بصقلية في سبيل تغلب ومطاوعة اغتراب وتآليفه فيها هي الأمهات التي اقتدى بها جميع الأطباء بعده وكان في الاسلام في هذه الصناعة أئمة جاءوا من وراء الغاية مثل الرازي والمجوسي وابن سينا ومن أهل الأندلس أيضا كثير وأشهرهم ابن زهر وهي لهذا العهد في المدن الاسلامية كأنها نقصت لوقوف العمران وتناقصه وهي من الصنائع التي لا تستدعيها إلا الحضارة والترف كما نبينه بعد . وللبادية من أهل العمران طب يبنونه في غالب الامر على تجربة قاصرة على بعض الاشخاص متوارثا عن مشايخ الحي وعجائزه وربما يصح منه البعض إلا أنه ليس على قانون طبيعي ولا على موافقة المزاج وكان عند العرب من هذا الطب كثير وكان فيهم أطباء معروفون كالحارث بن كلدة وغيره والطب المنقول في الشرعيات من هذا القبيل وليس من الوحي في شئ وإنما هو أمر كان عاديا للعرب ووقع في
493
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 493