نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 490
وبين الحيوان ويجرد صورة الجنس المنطبقة عليها ثم بينهما وبين النبات إلى أن ينتهي إلى الجنس العالي وهو الجوهر فلا يجد كليا يوافقه في شئ فيقف العقل هنالك عن التجريد ثم إن الانسان لما خلق الله له الفكر الذي به يدرك العلوم والصنائع وكان العلم إما تصورا للماهيات ويعنى به إدراك ساذج من غير حكم معه وإما تصديقا أي حكما بثبوت أمر لامر فصار سعي الفكر في تحصيل المطلوبات إما بان تجمع تلك الكليات بعضها إلى بعض على جهة التأليف فتحصل صورة في الذهن كلية منطبقة على أفراد في الخارج فتكون تلك الصورة الذهنية مفيدة لمعرفة ماهية تلك الاشخاص وإما بان يحكم بامر على أمر فيثبت له ويكون ذلك تصديقا وغايته في الحقيقة راجعة إلى التصور لان فائدة ذلك إذا حصل إنما هي معرفة حقائق الأشياء التي هي مقتضى العلم وهذا السعي من الفكر قد يكون بطريق صحيح وقد يكون بطريق فاسد فاقتضى ذلك تمييز الطريق الذي يسعى به الفكر في تحصيل المطالب العلمية ليتميز الصحيح من الفاسد فكان ذلك قانون المنطق وتكلم فيه المتقدمون أول ما تكلموا به جملا جملا ومفترقا ولم تهذب طرقه ولم تجمع مسائله حتى ظهر في يونان أرسطو فهذب مباحثه ورتب مسائله وفصوله وجعله أول العلوم الحكمية وفاتحتها ولذلك يسمى بالمعلم الأول وكتابه المخصوص بالمنطق يسمى النص وهو يشتمل على ثمانية كتب أربعة منها في صورة القياس وأربعة في مادته وذلك أن المطالب التصديقية على أنحاء . فمنها ما يكون المطلوب فيه اليقين بطبعه ومنها ما يكون المطلوب فيه الظن وهو على مراتب فينظر في القياس من حيث المطلوب الذي يفيده وما ينبغي أن تكون مقدماته بذلك الاعتبار ومن أي جنس يكون من العلم أو من الظن وقد ينظر في القياس لا باعتبار مطلوب مخصوص بل من جهة إنتاجه خاصة ويقال للنظر الأول إنه من حيث المادة ونعني به المادة المنتجة للمطلوب المخصوص من يقين أو ظن ويقال للنظر الثاني إنه من حيث الصورة وإنتاج القياس على الاطلاق فكانت لذلك كتب المنطق ثمانية . الأول في الأجناس العالية التي ينتهي إليها تجريد المحسوسات وهي التي ليس فوقها جنس ويسمى كتاب المقولات . والثاني في القضايا التصديقية وأصنافها ويسمى كتاب العبارة . والثالث في القياس وصورة إنتاجه على
490
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 490