نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 479
الجسم التعليمي ينظر في هذه المقادير وما يعرض لها إما من حيث ذاتها أو من حيث نسبة بعضها إلى بعض وثانيها علم الارتماطيقي وهو معرفة ما يعرض للكم المنفصل الذي هو العدد ويؤخذ له من الخواص والعوارض اللاحقة وثالثها علم الموسيقى وهو معرفة نسب الأصوات والنغم بعضها من بعض وتقديرها بالعدد وثمرته معرفة تلاحين الغناء ورابعها علم الهيئة وهو تعيين الاشكال للأفلاك وحصر أوضاعها وتعددها لكل كوكب من السيارة والقيام على معرفة ذلك من قبل الحركات السماوية المشاهدة الموجودة لكل واحد منها ومن رجوعها واستقامتها وإقبالها وإدبارها فهذه أصول العلوم الفلسفية وهي سبعة المنطق وهو المقدم منها وبعده التعاليم فالارتماطيقي أولا ثم الهندسة ثم الهيئة ثم الموسيقى ثم الطبيعيات ثم الإلهيات ولكل واحد منها فروع تتفرع عنه فمن فروع الطبيعيات الطب ومن فروع علم العدد علم الحساب والفرائض والمعاملات ومن فروع الهيئة الأزياح وهي قوانين لحساب حركات الكواكب وتعديلها للوقوف على مواضعها متى قصد ذلك ومن فروعها النظر في النجوم على الاحكام النجومية ونحن نتكلم عليها واحدا بعد واحد إلى آخرها واعلم أن أكثر من عني بها في الأجيال الذين عرفنا أخبارهم الأمتان العظيمتان في الدولة قبل الاسلام وهما فارس والروم فكانت أسواق العلوم نافقة لديهم على ما بلغنا لما كان العمران موفورا فيهم والدولة والسلطان قبل الاسلام وعصره لهم فكان لهذه العلوم بحور زاخرة في آفاقهم وأمصارهم وكان للكلدانيين ومن قبلهم من السريانيين ومن عاصرهم من القبط عناية بالسحر والنجامة وما يتبعها من الطلاسم وأخذ ذلك عنهم الأمم من فارس ويونان فاختص بها القبط وطمى بحرها فيهم كما وقع في المتلو من خبر هاروت وماروت وشأن السحرة وما نقله أهل العلم من شان البراري بصعيد مصر ثم تتابعت الملل بحظر ذلك وتحريمه فدرست علومه وبطلت كان لم تكن إلا بقايا يتناقلها منتحلو هذه الصنائع والله أعلم بصحتها مع أن سيوف الشرع قائمة على ظهورها مانعة من اختبارها وأما الفرس فكان شان هذه العلوم العقلية عندهم عظيما ونطاقها متسعا لما كانت عليه دولتهم من الضخامة واتصال الملك ولقد يقال إن هذه العلوم إنما وصلت إلى يونان منهم
479
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 479