نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 304
وآخرته . وقد قهر شهوته ، وجاذب خواطره ، صابرا على ذلك نفسه ، لما يرجوه من فوز العاقبة وثواب الآخرة . وقد ذكر هو عليه السلام في كلامه وخطبه بدء حاله وافتتاح أمره حيث أسلم لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله الشجرة فأقبلت تخد الأرض ، فقالت قريش : ساحر خفيف السحر ! فقال علي عليه السلام : يا رسول الله ، أنا أول من يؤمن بك ، آمنت بالله ورسوله وصدقتك فيما جئت به ، وأنا أشهد أن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقا لنبوتك ، وبرهانا على صحة دعوتك . فهل يكون إيمان قط أصح من هذا الايمان وأوثق عقدة وأحكم مرة ؟ ! ولكن حنق العثمانية وغيظهم وعصبية الجاحظ وانحرافه ، مما لا حيلة فيه . ثم لينظر المنصف وليدع الهوى جانبا ليعلم نعمة الله علي عليه السلام بالاسلام ، حيث أسلم على الوضع الذي أسلم عليه ، فإنه لولا الألطاف التي خص بها ، والهداية التي منحها له ، لما كان إلا كبعض أقارب محمد صلى الله عليه وأهله . فقد كان ممازجا له كممازجته ، ومخالطا له كمخالطة كثير من أهله ورهطه ، ولم يستجب منهم أحد له إلا بعد حين ، ومنهم من لم يستجب له أصلا ، فإن جعفرا عليه السلام كان ملتصقا به ولم يسلم حينئذ . وكان عتبة بن أبي لهب ابن عمه وصهره زوج ابنته ولم يصدقه ، بل كان شديدا عليه ، وكان لخديجة بنون من غيره ولم يسلموا حينئذ وهم ربائبه ومعه في دار واحدة ، وكان أبو طالب أباه في الحقيقة ، وكافله وناصره ، والمحامى عنه ، ومن لولاه لم تقم له قائمة . ومع ذلك لم يسلم في أغلب الروايات . وكان العباس عمه وصنو أبيه ، وكالقرين له في الولادة والمنشأ والتربية ، ولم يستجب له إلا بعد حين طويل . وكان أبو لهب عمه وكدمه ولحمه ، ولم يسلم ، وكان شديدا عليه ، فكيف ينسب إسلام علي عليه السلام إلى الألف والتربية والقرابة واللحمة ، والتلقين والحضانة والدار الجامعة وطول العشرة ، والانس والخلوة . وقد كان كل ذلك حاصلا لهؤلاء أو لكثير منهم ، ولم يهتد أحد منهم إذ ذاك ، بل كانوا بين من جحد وكفر ومات على كفره ، ومن أبطأ وتأخر وسبق بالاسلام وجاء سكيتا وقد فاز بالمنزلة غيره .
304
نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 304