لبيد أن تنح عنا حتى نخرج ونخليك والحصن ، قال : لا أبرح شبراً واحداً حتى نموت عن آخرنا أو تنزلوا على حكمنا ورأينا ، وجعل يكابدهم لما يرى من جزعهم ، وكتب على لسان أبي بكر رضي الله عنه كتاباً إليه فيه : أحصرهم ولا تقبل منهم إلا ما خرجوا منه أو السيف ، وقد بعثت إليك بعشرة آلاف رجل عليهم فلان وخمسة آلاف عليهم فلان ، فإن أظفرك الله تعالى بهم فإياك والبقيا في أهل النجير ، حرق حصنهم بالنار واقطع معايشهم واقتل المقاتلة واسب الذرية وابعث بهم إلي إن شاء الله ، وإنما كتب هذا مكايدة لعدوه ، فلما قرئ عليهم الكتاب أيقنوا بالهلكة واشتد عليهم الحصار ، وندموا ، فقال الأشعث : إلى متى هذا الحصر ؟ قد غرثنا وغرث عيالنا ، وهذه البعوث تقدم علينا بما لا قبل لنا به ، قد ضعفنا عمن معنا ، فكيف بمن يأتينا من هذه الأمداد ، والله للموت بالسيف أحسن من الموت بالجوع ، قالوا : وهل لنا قوة بالقوم . فما ترى لنا فأنت سيدنا . قال : أنزل فآخذ لكم أماناً قبل أن تدخل هذه الأمداد بما لا قبل لنا به ، فجعل أهل الحصن يقولون : يا أشعث افعل وخذ لنا أماناً ، قال : فأنا أنزل ، فأرسل إلى زياد : أنزل فأكلمك وأنا آمن ؟ قال : نعم ، فنزل الأشعث من النجير فخلا بزياد فقال : يا ابن عم ، قد كان هذا الأمر ولم يبارك لنا فيه ، وإن لي قرابة ورحماً وإن أبا بكر يكره قتل مثلي ، وقد جاءك كتابه ينهاك عن قتل الملوك من كندة ، فأنا أحدهم ، وإنما أطلب منك الأمان على أهلي ومالي ، فقال زياد : لا أؤمنك أبداً على دمك ، وأنت كنت رأس الردة ، فقال : أيها الرجل دع ما مضى واستقبل الأمور إذا أقبلت ، قال : وماذا ؟ قال : أفتح لك النجير ، فأمنه على أهله وماله على أن يقدم به على أبي بكر رضي الله عنه فيرى فيه رأيه ، وفتح له النجير فأخرجوا المقاتلة ، فعمد زياد إلى سبعمائة من أشرافهم فضرب أعناقهم على دم واحد ، ولام القوم الأشعث وقالوا لزياد : غدر بنا فأخذ الأمان لنفسه وأهله ، وإنما نزل على أن يأخذه لجميعنا ، وجاء كتاب أبي بكر رضي الله عنه : إن ظفرت بأهل النجير فاستبقهم ، فقدم عليه ليلاً وقد قتل منهم في أول النهار سبعمائة في صعيد واحد ، وأبى زياد أن يواري جثثهم وتركوا للسباع ، فكان هذا أشد على من بقي من القتل . نخلة : موضع على ليلة من مكة . وكان بها لقريش وبني كنانة بعض الطواغيت التي كانت تعظمها مع الكعبة لأنهم قالوا " اجعل الآلهة إلهاً واحداً " الآية ، فكانت لهم بيوت تعظمها وتطوف بها كطوافها بالكعبة ، بعضها الذي بنخلة وكان سدنتها وحجابها من بني شيبان ، وبها كانت العزى ، فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه فلما سمع صاحبها ذلك علق عليها سيفه وأسند في الجبل الذي هو فيه ، وانتهى إليها خالد رضي الله عنه فهدمها ، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . نخل : غير مصروف ، قرية لفزارة ، وفي شعر زهير : تربص فإن تقو المرورات منهم * وداراتها لا تقو منهم إذاً نخل النخيلة : موضع بالكوفة على لفظ التصغير ، وهي التي كان علي رضي الله عنه يخرج إليها إذا أراد أن يخطب الناس . وفي سنة تسع وثلاثين أوقع علي رضي الله عنه بالخوارج بالنخيلة وحروراء . ندرومة : مدينة في طرف جبل تاجرا بأرض المغرب ، وهي مدينة حسنة كثيرة الزرع والفواكه رخيصة الأسعار ، ولها بسائط خصيبة ومزارع كثيرة ، وبينها وبين البحر نحو عشرة أميال ، ولها مرسى مأمون مقصود وعليه رباط حسن يتبرك به ، ويقال أنه من أتى فيه منكراً لم تتأخر عقوبته ، قد عرف ذلك من بركته ومن صنع الله فيه . نكور : مدينة بالمغرب بقرب مدينة مليلة ، وهي مدينة كبيرة بينها وبين البحر نحو عشرة أميال وقيل خمسة ، وهي بين رواب وجبال منها جبل يقابل المدينة يعرف بالمصلى . وبها جامع على