لعل أمير المؤمنين يسوءه * تنادمنا في الجوسق المتهدم فبلغ شعره عمر رضي الله عنه فقال : نعم والله إن ذلك ليسوءني ، فمن لقيه فليخبره أني قد عزلته . ومن ميسان كان يسار والد الحسن بن أبي الحسن البصري ، وولد الحسن مملوكاً ، ومات سنة عشر ومائة ، ولم يشهد ابن سيرين جنازته لشيء كان بينهما ، وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت خيرة ربما غابت فيبكي ، فتعطيه أم سلمة رضي الله عنها ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه ، فدر عليه ثديها ، فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك . ميافارقين : بلد معروف من أرض أرمينية ، بين حدود الجزيرة وحدود أرمينية ، وبعض الناس يعدها من أرمينية ، وبعضهم يعدها من بلاد الجزيرة ، وهو في شرقي دجلة على مرحلتين منها ، والمعارف المصنوعة بميافارقين لا نظير لها ولا يعدلها مثلها صنعة . وبينها وبين آمد خمسة فراسخ ، وهي منيعة مسورة حصينة وليست بالكبيرة ، وهي كثيرة الناس ، والبساتين تسقى من الآبار ومن أعين غير غزار ، وداخل مدينتها عين ماء . وفتحها عياض بن غنم على مثل صلح الرها ، وهي في حضيض من جبل ، تصنع بها التكك والمناديل العراض والسبنيات ، وقال أبو طالب العلوي : ولما أبيض شعر الرأس مني * ودعت وقلت مياً فارقينا فمالي والتصابي بعد شيبي * ولو أعطيت ميافارقينا وقال بعض الظرفاء : سميت ميافارقين لأن ذا الرمة أو غيره من العشاق ، لو وصل إلى هذه المدينة بالاتفاق ، وشاهد وجوه أهلها الملاح ، والعيون السقيمة الصحاح ، وعاين رشاقة القدود ، ولباقة الخدود ، وسواد الطرر ، وبياض العرر ، وسمرة الشفاه اللعس ، وحمرة الوجنات والجباه الملس ، لقال لصاحبته : مي فارقيني ولا ترافقيني ، فلا يجوز التيمم مع وجود الماء ، ولا حاجة إلى الدواء بعد البرء والشفاء . ميورقة : هي جزيرة في البحر الزقاقي ، تسامتها من القبلة بجاية من بر العدوة ، بينهما ثلاثة مجار ، ومن الجوف برشلونة من بلاد أرغون ، وبينهما مجرى واحد ، ومن الشرق إحدى جزيرتيها منرقة ، وبينهما مجرى في البحر طوله أربعون ميلاً ، وشرقي ميورقة هذه جزيرة سردانية ، بينهما في البحر مجريان ، وغربيها جزيرة يابسة ، بينهما مجرى في البحر طوله سبعون ميلاً ، وغربي يابسة مدينة دانية من بر الأندلس بينهما في البحر سبعون ميلاً . وميورقة أم هاتين الجزيرتين وهما بنتاها ، وإليها مع الأيام خراجهما . وطول ميورقة من الغرب إلى الشرق سبعون ميلاً ، وعرضها من القبلة إلى الجوف خمسون ميلاً . فتحها المسلمون سنة تسعين ومائتين إلى أن تغلب عليها العدو البرشلوني وخربها سنة ثمان وخمسمائة ، وهي المرة الأولى ، ودخل المدينة فلم يجد سوى العيال والأطفال والشيخ الفاني ، فلحسابهم أحالوا السيف عليهم ، فلما قضى وطره من هذه الجزيرة أسرع الرجوع إلى بلاده . ثم اختلفت عليها ولاة ابن تاشفين ، ثم وليها محمد بن علي بن غانية المسوفي ، وهو أول ولاة بني غانية ثم تعاقبوا على ولايتها إلى أن كان آخرهم عبد الله بن إسحاق ، فوجه إليه الملك الناصر محمد بن يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن السيد أبا العلا إدريس بن يوسف بن عبد المؤمن والشيخ أبا سعيد بن أبي حفص ، ، فاجتمعا بدانية فعرض كل واحد منهما من أسند إليه ، فكان الفريقان ألفي فارس ومائتي فارس والرماة سبعمائة والرجالة خمسة عشر ألفاً ، غير غزاة القطع ، وكان الأسطول ثلاثمائة جفن منها سبعون غراباً وثلاثون طريدة وخمسون مركباً كباراً وسائرها قوارب منوعة ، وأما العدد والسلاح والمجانيق والسلالم والمساحي والفؤوس والمعاول والرقائق والحبال فشئ لا يأخذه عدد ، وكذلك الدروع والسيوف والرماح والبيضات والأتراس والدرق والقسي وصناديق