كان يتعبد فيه ، ويطيف بهذا كله شمع كأنه جذوع النخل عظماً ، فيخرج الناس إلى هذا الرباط ليلة كل جمعة ويتعبدون ، وقريب من هذا الرباط خراب عظيم يقال إنه كان مدينة نينوى ، مدينة يونس عليه السلام ، وأثر السور المحيط بهذه المدينة ظاهر ، وفرج الأبواب فيه بينة ، وأكوام أبراجه مشرفة . وأهل الموصل على طريقة حسنة ومروة ، لا تلقى منهم إلا ذا وجه طلق ، ولهم بر بالغرباء وإقبال عليهم ، وعندهم اعتدال في جميع معاملاتهم . وكان جرجيس من الأنبياء الذين كانوا في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما أفضل الصلاة والسلام ، من أهل فلسطين ، بعثه الله تعالى إلى ملك الموصل يدعوه إلى الإسلام فقتله بالعذاب مرات وأحياه الله عز وجل آية لهم وعبرة ، ونشره قطعاً ورماه إلى الأسد الضارية فخضعت الأسد برؤوسها ، وظل يومه كذلك ، فلما أدركه الليل جمع الله تعالى أوصاله ورد روحه ، ثم أقبل عليهم اليوم الثاني يعظهم ويغلظ عليهم ، فلما استمروا في عتوهم وكفرهم بعث الله تعالى عليهم ناراً فأحرقتهم عن آخرهم . وصورة افتتاح الموصل فيما حكاه البلاذري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى عتبة بن فرقد السلمي الموصل في سنة عشرين ، فسار إليها فقاتله أهل نينوى ، فأخذ حصنها وهو الشرقي من دجلة عنوة ، وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الآخر على الجزية والأذن لمن أراد الجلاء ، ثم فتح بلاداً ، ثم عزله عمر رضي الله عنه عن الموصل وولاها هرثمة بن عرفجة البارقي ، وكان بها في الجانب الغربي حصن وبيع للنصارى ومنازل ومحلة لليهود ، فمصرها هرثمة وأنزل العرب بها . وقد روى الهيثم بن عدي أن عياض بن غنم أتى الموصل ففتح الحصن الغربي والله أعلم . وكان عمر رضي الله عنه وجه هرثمة بن عرفجة البارقي إليها بعد عتبة بن فرقد السلمي فأنزل العرب بها منازلهم واختط لهم ، ثم بنى المسجد الجامع . وقالوا : كان الذي فرش الموصل بالحجارة ابن تليد صاحب شرطة محمد بن مروان بن الحكم ، وكان محمد ولي الموصل والجزيرة وأرمينية وأذربيجان ، ويقال إن عبد الملك بن مروان ولى ابنه سعيداً صاحب نهر الموصل فبنى سعيد سوق الموصل ، فهدمه الرشيد حين خالفوا ، وفرشها بالحجارة حين اجتاز بها . وللموصل كور وأنظار وأعمال كثيرة ، والذي ارتفع في خراج الموصل مع الإحسانات سوى الضياع من الرزق ستة آلاف ألف وثلاثمائة ألف . وإبراهيم الموصلي وابنه إسحاق ينسبان إليها ، وناهيك بهما نبلاً وعلماً ومعارف وشهرة . المولتان : ثغر من ثغور المسلمين مما يلي بلاد السند ، وهو أبداً يحارب صاحب قشمير ملكاً من ملوك السند ، وكان صاحبها من ولد سامة بن لؤي ، وهو ذو جيوش ومنعة ، وأكثر ماله من الصنم المعروف بالمولتان ، يقصده السند والهند من أقصى بلدانهم بنذور الأموال وأنواع الجواهر والطيب ، ويحج إليه الألوف ، ويحمل إليه من العود القماري الذي يؤثر فيه الختم كما يؤثر في الشمع ، يبلغ ثمن المن منه مائتي دينار . وهو إذا عجز عن مقاومة من ناوأه منهم هدده بكسر الصنم فيكف عنه . مورور : كور مورور متصلة بأحواز قرمونة من جزيرة الأندلس ، وهي في الغرب والجوف من كورة شذونة ، وأحوازها متصلة بأحوازها ، وهي من قرطبة بين القبلة والمغرب . ومدينة قلب قاعدة مورور ودار الولاة بها ، وكانت جباية كورة مورور أيام الحكم بن هشام بن عبد الرحمن أحداً وعشرين ألف دينار . موريقس : جبل معترض بقرب زالغ من أرض الحبش ، وليس بكثير العلو ولكنه يعلو على وجه الماء مرة ويغيب في مواضع أخرى يستره الماء ، ولكنه يتصل في ذاته ، ولا يمر بهذا الجبل شيء من