شقة ، وزن كل شقة سبعون رطلاً بالشامي ، وفيه أربع صوامع للأذان ، وكان له من المسلمين ثلاثمائة خادم ومن النصارى عشرة يكنسون سطوحه وينظفون قنوات الماء ولا تؤخذ منهم جزية ، ومن اليهود نيف وعشرون خادماً ولا تؤخذ منهم جزية ، وكانوا يحجبون المسجد وينظفون الظاهر حول المسجد . ووظيفته من الزيت كل شهر سبعمائة قسط بالإبراهيمي ، وزن القسط رطل ونصف رطل بالشامي الكبير . وقبة الصخرة على أكمة في المسجد ، والصخرة تحت القبة ، وتحت القبة مغارة ينزل إليها بدرج مما يلي الباب القبلي من أبواب القبة ، والصخرة مرتفعة من ناحية المغرب ذراعين ، منخفضة من جهة المشرق ، وحول الصخرة حظيرة من رخام ارتفاعها نحو ذراع ونصف ، ولقبة الصخرة أربعة أبواب ، وفي المسجد القبة التي يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به منها إلى السماء ، ومنارة إبراهيم عليه السلام التي كان يتخلى فيها للعبادة ، ومصلى جبريل عليه السلام ، ومصلى الخضر ، والسطح المسقف من بيت المقدس قد سوي وفرش على بنيان قديم نحت نحتاً ، ينسب بناؤها إلى سليمان بن داود عليهما السلام ، ولولا ذلك ما اعتدل سطح المسجد لأنه في سند ، وفيما بين تلك الحنايات التي في المسجد والقباب التي في وسط المسجد أكمة مرتفعة من الأرض لها من كل ناحية نحو ست درجات وأكثر ، وهناك مقامات للدعاء معروفة وشرف من المسجد على واد ينحط منه إلى عين يقال لها سرحان ، يقال إنها العين التي كان المسيح عليه السلام يفتح فيها عيون العميان ، وهناك كنيسة يقال لها الجسمانية وعلى فرسخ منها مما يلي قبلتها في مستو من الأرض بيت لحم ، وبه ولد المسيح عليه السلام ، وبه النخلة التي تساقطت على مريم رطباً جنيا والسري الذي جعل الله تحتها فشربت منه وتطهرت ، والمهد الذي جعلت فيه المسيح حين ولدته ، وهو حوض أبيض غسلته فيه ، وهو قريب من العين ، وعلى فرسخين من بيت لحم تجاه القبلة منه قبر إبراهيم الخليل عليه السلام ، تصعد جبلاً ثم تنحط إليه ، وإلى جانبه قبر إسحاق عليه السلام ، وهناك مسجد إبراهيم عليه السلام ، ومن بيت المقدس إلى مسجد إبراهيم عليه السلام ثلاثة عشر ميلاً مما يلي القبلة ، وحول القرية التي فيها قبر إبراهيم عليه السلام غياض وأشجار تفاح أحمر ، وهناك دير إلى جانبه جبل يصعد في قنته في قدر ثلاثمائة مرقاة ، يقال إن هذا الجبل صعد منه المسيح عليه السلام إلى السماء . مقدونية : اسم قديم لمصر قبل أن ينزلها مصر بن هرمس ، وإليها ينسب الإسكندر ، فيقال المقدوني . المقطم : جبل يتصل بمصر أوله من ديار مصر ، فيمر في الصحراء إلى أن ينتهي إلى قرب أسوان ، وهو جبل مشهور بالطول ، وأما ارتفاعه فإنه يعلو من مكان وينخفض في مكان ، وتنقطع منه مواضع ، وتحفر منه المغرة والكلس ، وفيه ذهب كثير ، وكذلك تربته إذا دبرت استخرج منها ذهب صالح ، ويتصل قطع بديار مصر الداخلة في البحر الملح في جهة القلزم ، وهو بحر الحجاز ، وفي هذا الجبل وما اتصل به كثير من الكنوز مما خبأته ملوك مصر في الزمن القديم ، وفيه كثير من هياكل الكهنة وعجائبهم ، ومما يلي البحر منه الجبل المتحرك المدور الذي لا يستطيع أحد أن يصعده ولا يجد السبيل إلى الطلوع إليه لإملاسه وارتفاعه ، ويذكر أن فيه كنوزاً عظيمة لمقطم الكاهن ، وإليه ينسب هذا الجبل بأسره ، وفيه أيضاً كنوز كثيرة لبعض ملوك مصر من المال والجوهر وتراب الصنعة والتماثيل العجيبة وأصنام الكواكب ، وقد كانوا رأوا في علومهم أن ملكاً من ملوك الإفرنجة يقصدهم لما كان اتصل به من كثرة أموالهم والصنعة التي كانوا يدبرونها لعمل الذهب ، فكان ما خافوه من ذلك حقاً ، وقصدهم الملك الإفرنجي ، فغزا ديار مصر في ألف مركب ، فهرب أكابرهم إلى هذا الجبل وتستروا في الأماكن الخفية فيه ، وبعضهم أمعن في الهرب حتى لحق بالواحات فلم يوصل إليهم ، ونجا أكثرهم بأموال . وعرض هذه الصحراء التي قدمنا ذكرها يقطعها السالك من قوص إلى عيذاب في عشرين يوماً ، وبها جب ماؤه من أعجب العجب لا ينزل به من شربه من حيث تنزل المياه من الإنسان ، ولا يقيم بالمعدة ، بل إذا شربه الإنسان لم يلبث أن ينزل به من مقعدته مسرعاً من غير تأخير ولا إقامة ، ولا تسلك هذه الصحراء في اشتداد الحر ، فما يمر به السالكون إلا في آخر أيام الخريف ، وأهل مصر يدفنون موتاهم في جبل المقطم . وكان السبب في جعله مقبرة ما روي أن عمرو بن العاصي رضي الله عنه لما فتح مصر قال له المقوقس : إنا نجد أن هذا