أول ما يلقى من منى في رأس العقبة عن يسار الداخل في منى في ناحية مكة ، والحصاة قربان فما تقبل منه رفع ، وما لم يتقبل بقي ، وليس على الحاج بمنى صلاة العيد ، وإنما صلاتهم في ذلك اليوم وقوفهم بالمشعر الحرام ، وأيام منى أيام ذكر الله تعالى والأيام المعدودات أيام منى الثلاثة ، ويرمى فيها بالجمار ، وهي أيام التشريق ، وليس يوم النحر منها ، والأيام المعلومات : يوم النحر واليومان اللذان بعده ، وفي سفح الجبل على جمرة العقبة مسجد في حائطه من ناحية الجنوب حجر مبسوط أدكن ، فيه أثر قدم إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، حين أضجعه للذبح فركض برجله ، فلان له الحجر فغرق رجله فيه ، وفي هذا الموضع في عرض الجبل أثر مجر الكبش ، ثم تدخل منى فتلقى الجمرة الثانية عن يسارك بينها وبين جمرة العقبة أربعمائة ذراع ، ثم الجمرة الثالثة وهي وسط المحجة ، بينها وبين الجمرة الوسطى ثلاثمائة ذراع وخمسون ذراعاً . منبسة : مدينة في بلاد الزنج على الساحل صغيرة ، وأهلها متحرفون باستخراج الحديد من معدنه والصيد للنمور ، وكلابهم حمر تغلب كل الذئاب وجملة السباع ، وهي في نهاية من القهر لها ، وهي على البحر وعلى ضفة جون كبير تدخله المراكب مسيرة يومين ، وليس عليه شيء من العمارة ، والوحوش تستقر في غياض ضفتيه معاً ، فهم يصيدونها هناك ، وفي هذه المدينة سكنى ملك الزنج ، وأجناده يمشون رجالة لأن الدواب ليست عندهم ولا تعيش بأرضهم . مصر : هي الفسطاط ، وهي خاصة بلاد مصر . وفي سنة تسع عشرة فتح عمرو بن العاصي مصر والإسكندرية ، وقيل سنة عشرين ، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وجاء في الأثر : من أخرب خزائن الله فعليه لعنة الله ، وخزائن الأرض هي مصر ، أما سمعتم قول يوسف " اجعلني على خزائن الأرض " ، وقالوا : مكتوب في التوراة : مصر خزائن الله فمن أرادها بسوء قصمه الله . وفي السير أن هاجر أم إسماعيل عليهما السلام وأم العرب من قرية كانت أمام الفرما من مصر . وبمصر من المنافع والمصانع والبساتين والغرف المشرفة على النيل والقصور ما يبهج العيون ويطرب المحزون ، وبين مصر والقاهرة نحو ثلاثة أميال ، والقاهرة محدثة من بناء العبيديين . قالوا : ولما كانت سنة ثمان عشرة في خلافة عمر رضي الله عنه ، وقدم عمر رضي الله عنه الجابية ، خلا به عمرو بن العاصي رضي الله عنه وقد كان دخل مصر في الجاهلية وجرى له فيها خبر الكرة ، وكان عمرو بن العاصي رضي الله عنه يعرف أحوال مصر ، فجعل عمرو يعظم عند عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أمرها ، ويعرفه بكثرة جبايتها ، ويهون عليه فتحها حتى ركن عمر رضي الله عنه إلى قوله ، فعقد له على أربعة آلاف وجهزهم معه وقال له : سر وأنا أستخير الله تعالى ، وسيأتيك كتابي سريعاً بما أرى إن شاء الله تعالى ، فإن أدركك كتابي آمرك به بالانصراف قبل أن تدخل أرض مصر فانصرف ، وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره . فسار عمرو بن العاصي رضي الله عنه في جوف الليل ولم يشعر به أحد ، واستخار عمر رضي الله عنه ، فكأنه تخوف على المسلمين ، فكتب إلى عمرو يأمره بالانصراف بمن معه ، فأدركه الرسول وهو برفح ، وتخوف عمرو إن قرأ الكتاب أن يكون فيه أمر بالانصراف ، فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه حتى نزل قرية قريبة من العريش ، فسأل عنها فقيل له إنها من أرض مصر ، فدعا بالكتاب فقرأه على المسلمين ، ثم قال : ألستم تعلمون أن هذه القرية من أرض مصر ؟ فقالوا : بلى ، قال لهم : فإن أمير المؤمنين عهد إلي أنه إن لحقني كتابه وأنا لم أدخل أرض مصر أن أرجع بمن معي ، وإن كتابه لم يلحقني حتى دخلت أرض مصر ، فسيروا على بركة الله تعالى ، فساروا حتى توسطوا بلاد مصر ، فنزل عمرو بموضع على النيل ، وهو الفسطاط ، ولم تكن فيه حينئذ مدينة ، وإنما بنى الفسطاط عمرو ، وكان ملك مصر في ذلك الزمان المقوقس ، وهو الذي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، فلما سمع المقوقس دخول المسلمين بلاده ونزولهم الفسطاط ، ولم يكن لديه علم ، راعه ذلك فنظر في توجيه الجنود إليهم . وكتب عمرو إلى عمر يستمده فأمده بأربعة آلاف . ويقال إن أسقفاً كان بالإسكندرية من أهل العلم بالكوائن لما بلغه قدوم عمرو بالمسلمين إلى بلاد مصر ، كتب إلى القبط يعلمهم أن ملكهم قد انقطع ويأمرهم بتلقي عمرو