وحال المساء بين الفريقين ، فانصرف زيد مثخناً بالجراح ، وقد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينتزع النصل ، فأتي بحجام من بعض القرى ، فاستكتموه أمره فاستخرج النصل فمات من ساعته ، فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش ، وأجري الماء على ذلك ، وحضر الحجام مواراته ، فعرف الموضع ، فلما أصبح مضى إلى يوسف مستنصحاً فدله على موضع قبره ، فاستخرجه يوسف وبعث برأسه إلى هشام ، فكتب إليه هشام أن اصلبه عرياناً ، فصلبه يوسف كذلك ، ففي ذلك يقول بعض شعراء بني أمية يخاطب آل أبي طالب وشيعتهم من أبيات : صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة * ولم أر مهدياً على الجذع يصلب وكان زيد سمع يقول : اللهم إن هشاماً وأهل بيته قد طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد فصب عليهم سوط عذاب ، إنك لهم بالمرصاد ، وطهر منهم البلاد ، واجعلهم نكالاً للحاضر والباد وإلى زيد هذا ينتسب الزيدية من الشيعة . قال أبو بكر بن عياش : كنت إذ كنت شاباً إذا أصابتني مصيبة تجلدت ودفعت البكاء بالصبر ، فكان ذلك يؤذيني ويؤلمني ، حتى رأيت أعرابياً بالكناسة واقفاً على نجيب وهو ينشد : خليلي عوجا من صدور الرواحل * بجمهور حزوى فابكيا في المنازل لعل انحدار الدمع يعقب راحة * من الوجد أو يشفي نجي البلابل فسألت عنه فقيل ذو الرمة ، فأصابتني بعد ذلك مصائب فكنت أبكي فأجد بعد ذلك راحة ، فقلت : قاتل الله الأعرابي ما كان أبصره . كنباية : مدينة بأرض الهند من مملكة بلهرى وهي على خليج من البحر أعرض من النيل ، فيجزر الماء في هذا الخليج حتى يبدو الرمل وقعر الخليج ويبقى فيه اليسير من الماء ، فيرى الكلب على هذا الرمل وقد نضب ماؤه وصار كالصحراء ، فإذا أقبل المد وأحس به الكلب أقبل يحضر ما استطاع ليفوت دفع الماء فلا يفيده ذلك ويغرقه . ولهم في المد والجزر أقاويل يطول الكتاب بإيرادها ، وأهل هذه البلدة عبدة أصنام . كنك : من الأنهار المشهورة ببلاد الهند ، يخرج من بلاد فوق قشمير ويجري إلى الجنوب حتى يصب في البحر الهندي . كنعان : بلد بالشام فيه كان يعقوب بن إسحاق عليه السلام ومنه خرج إخوة يوسف بأخيهم يوسف إذ قالوا لأبيهم " أرسله معنا غداً يرتع ويلعب " ، وكان من قصتهم معه ما قصه الله تعالى في كتابه ، وبينها وبين مصر حيث كان يوسف عليه السلام مسافة ثمانية أيام وقيل عشرة وقيل ثمانون فرسخاً ، وإليها فصلت العير من مصر بقميص يوسف عليه السلام فقال أبوه " إني لأجد ريح يوسف " وكان القميص من الجنة ، جاء به جبريل إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين ألقي في النار ، فكساه إبراهيم ولده إسحاق ، وكساه إسحاق ولده يعقوب وكساه يعقوب يوسف فجعله في قصبة من فضة وعلقها في عنقه فألقي في الجب والقميص في عنقه ، فذلك قوله تعالى " اذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أبي يأت بصيرا " ، ( يوسف : 93 ) كنجة : هي أكبر مدن الران ، وإليها تنسب الثياب الكنجية .