إسم الكتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار ( عدد الصفحات : 629)
كان هواؤها وبياً وأهلها مصفرة ألوانهم ، وقل ما دخلها غريب فسلم من المرض إلا نادراً . وهي أزلية قديمة فيها آثار كثيرة للأوائل ، وبينها وبين أسوان غيران منحوتة في جبال منها قبور الأموات لا يعلم لها عهد تستخرج منها المومياء الطبية ، وهم يجدونها في رممهم وبين أكفانهم . ويقال إن في تلك الصحراء التي بين قوص وأسوان معادن الذهب ، غير أن البجاة وهم جنس من الحبشة تمنع منه ، وبلادهم ما بين بحر القلزم وبين مصر ، وتسكن عندهم جماعة من العرب من ربيعة بسبب هذا المعدن ، ويتصل ببلادهم معدن الزمرد الفائق الذي ليس له مثل بمعمور الأرض ، وهو بموضع يعرف بالخربة في مغارة وجبال محمية بالبجاة ، وإليهم يؤدي الخفارة من يرد لحفر الزمرد . وبين هذا الموضع والنيل أكثر من عشرين مرحلة ، وبين هذا المعدن والعمران مسيرة تسعة أيام ، ولا يعرف معدن للزمرد غيره إلا ببلاد البلهرى من أرض الهند ، ولا يلحق بهذا ، والهندي هو الذي يعرف بالمكي لأنه يحمل إلى عدن فيؤتى به مكة ، فاشتهر بهذا الاسم . والزمرد الذي يقطع من الخربة أربعة أنواع : أعلاها المعروف بالمرو ، وهو كثير المائية تشبه خضرته خضرة السلق إلا أنه يضرب إلى السواد ، والثاني البحري ، وهو في لون ورق الآس ، وإنما غلب عليه اسم البحري لأن ملوك الهند والسند والصين يرغبون فيه ويفضلونه على غيره من الزمرد ، والثالث يعرف بالمغربي ، لأن ملوك المغرب والأفرنج والأندلس والجلالقة وغيرهم يتنافسون فيه ، والصنف الرابع المسمى بالأصم وهو أدناها وأقلها غناء لقلة مائيته وخضرته وكثرة دكونته ، وأكبر حجارة الزمرد الفائق يبلغ وزن العدسة منه عشرة دنانير ، وهذا المعدن قد انهارت غيرانه وتهدمت لبعد العمارة عنه وانقطاع الناس . ولا خلاف عند جميع من يقرب من موضع ذلك المعدن أن الحيات والأفاعي وسائر أنواع الحيوان المسموم لا تقرب هذا المعدن ولا خدمته . وقيل إن هذه الحيوانات إذا أبصرت الزمرد الفائق سالت عيونها ، وإن الملسوع إن سقي منه وزن دانقين برئ بإذن الله تعالى ، وكانت ملوك اليونانيين أرباب الحكمة تفضله على جميع الأحجار ، وأهل الحكمة يقولون إن شعاع الزمرد وخضرته تقوى بزيادة القمر ، ولله سبحانه وتعالى في خلقه أسرار خفية . قورية : بالأندلس ، قريبة من ماردة ، بينها وبين قنطرة السيف مرحلتان . ولها سور منيع ، وهي أولية البناء واسعة الفناء ، من أحصن المعاقل وأحسن المنازل ، ولها بواد شريفة خصيبة وضياع طيبة وأصناف من الفواكه كثيرة ، وأكثرها العنب والتين . قومس : عمل مفرد بين الري وخراسان ، ومدنه : بسطام وسمنان والدامغان ، وقومس بلد جليل القدر واسع ، واسم المدينة الدامغان ، وهي أول مدن خراسان ، فتحها عبد الله بن عامر بن كريز في خلافة عثمان رضي الله عنه سنة ثلاثين ، وأهلها قوم عجم ، وهم أحذق قوم بعمل أكسية الصوف البيض القومسية الرفيعة . وفي ثمان وعشرين ومائة غلب أبو مسلم صاحب الدعوة على ناحية قومس وجرجان . وكان عمر رضي الله عنه كتب إلى نعيم بن مقرن حين أعلمه بفتح الري : أن قدم سويد بن مقرن إلى قومس ، ففصل إليه سويد من الري فلم يقم له أحد ، فأخذها سلماً وعسكر بها ، وكاتبه الذين لجأوا إلى طبرستان منهم والذين أخذوا المفاوز فدعاهم إلى الصلح وإلى الجزية ، وكتب لهم بذلك كتاباً . قوهستان : من كور نيسابور . قوصرة : جزيرة تلي مدينة مازر من صقلية بينهما مجرى ، وهي في شرقي جزيرة مليطمة ، وهي من جزيرة الراهب بين جنوب