إسم الكتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار ( عدد الصفحات : 629)
إلى الليل ، ثم توجه في ثاني يوم الفتح إلى قابس فأحدق المقاتلون براً وبحراً ففتحوا أبوابهم مستسلمين ، فقبل المنصور ذلك منهم وأسلموا أصحاب قراقش وشيعته وكان اتخذها حصناً وشحنها بشيعته وأصحابه ، فبعث بهم إلى تونس في البحر وبعث إلى أهل قابس مَن وبخهم على اتباع كل ناعق ، ثم انحفز إلى توزر فأعلنوا بالتوحيد ، وفي فتح الحمة يقول أبو بكر بن مجبر من قصيدة له أولها : أسائلكم لمن جيش لهام * طلائعه الملائكة الكرامُ يقول فيها : لقد برزت إلى هول المنايا * وجوه كان يحجبها اللثام وما أغنت قسي الغز عنها * فليست تدفع القدر السهام متى يك من ذوي الكفر اعتداء * يكن من فرقة التقوى انتقام عمواس : قرية من قرى الشام بين الرملة وبيت المقدس ، وإليها ينسب الطاعون لأن منها بدأ فيقال طاعون عمواس ، مات فيه خمسة وعشرون ألفاً ، فيهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، واسمه عامر ، وهو من عظماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال فيه : " لكل أمّة أمين ، وأمين هذه الأمّة أبو عبيدة بن الجراح " . ومات فيه الحارث بن هشام وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم ، وكان هذا الطاعون سنة ثمان عشرة ، وقيل سنة تسع عشرة ، وكثر عدد من مات بعمواس حتى خرج عن الإحصاء ، وعلّق عمرو بن العاصي رضي الله عنه بعمود خبائه سبعين سيفاً كلها ورثه عن كلالة عام طاعون عمواس ، ولم يكن أحد يقول لأحد : كيف أصبحت وكيف أمسيت ، حتى كثر فيهم الموت . قالوا : سجن سليمان بن داود عليهما السلام شيطاناً بعمواس ، فإذا أراد الله تعالى أن يأذن له بالخروج خرج فيقع على جارية ترعى الضأن لأهلها فتحمل منه ، فإذا وضعت حملها طرحته في جزيرة من جزائر البحر ، فيبعثه الله تعالى من قصبة فيها ستمائة ألف ملك مختلفين ، فيشب في اليوم مثل ما يشب الغلام في الشهر ، ويشب في الشهر مثل ما يشب الغلام في السنة ، فإذا كبر اجتمعوا عليه فملَّكُوه ، فهو الذي يسير بهم إلى الشام ، وهو الذي يقبل من المغرب ، وهو الذي يدعى ابن حمل الضأن . العناطس : موضع بينه وبين مدينة القلزم ثلاثة أميال ، بالقرب منه عين يجري منها القار اللين الفوّاح كأجود الزفت أبداً . عفص : بالأندلس بقرب مرسية ، فيها كانت وقيعة الروم على أهل مرسية سنة 621 في رجبها ، ذهب فيها من أهل مرسية بين قتيل وأسير نحو من أربعة آلاف رجُل ، وكان الروم أغاروا على تلك الجهة فخرج إليهم أهل مرسية ، وكانوا عابوا على أهل إشبيلية مثلها حين وقعت عليهم الهزيمة بفحص طلياطة ، ونسبوهم إلى الضعف والخور وقلة الدربة بالحروب ، فلم تمض الأيام حتى امتحنهم الله تعالى بهذه الوقيعة . وكان صاحب الجيش في هذا اليوم أبو علي ابن أشرقي ، قال صاحب " الملتمس " : كائنة عفص هي أخت كائنة طلياطة المتقدمة في سنة إحدى وعشرين وستمائة ، كانت هذه في غرب الأندلس وهذه في شرقها ، وكان عباد الصليب قد وصلوا إلى عفص من عمل مرسية فخرج عسكر مرسية ومعهم العامة ، فقتل منهم كثير وأسر أكثر ، وفيها يقول أحد المرسيين : بوقعة عفص وطلياطة * تكامل إقبال أيامنا فبالغرب تلك وبالشرق ذي * أناخا على شمِ أعلامنا وفي وسط الأرض قيجاطة * ولوشة خفَّا بأحلامنا وليس الصليب يرى مانعاً * لغيرِ تواتر إعدامنا