وكانت قطراً معتبراً عند الإسلاميين وأهل الصليب متجاذباً أبداً مرغوباً فيه ، وفي آخر الأمر استولى المسلمون عليه فهدموه ومحوا أثره على أيدي أحد الملوك المتأخرين من المصريين . عكاظ : صحراء مستوية لا علم فيها ولا جبل إلا ما كان فيها من الأنصاب التي كانت بها في الجاهلية ، وهي بأعلى نجد وقريب من عرفات ، وقيل هي وراء قرن المنازل بمرحلة في طريق صنعاء ، وهي من عمل الطائف وقيل هي على ثلاث مراحل من تبالة . وسوق عُكاظ قرية كالمدينة جامعة لها مزارعَ ونخيل ومياه كثيرة ، ولها سوق في يوم الجمعة يقصده الناس في ذلك اليوم بأنواع التجارات ، فإذا أمسى المساء انصرف كل أحد إلى موضعه . وكانت عُكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً لمكة في الجاهلية ، وكانت عكاظ من أعظم أسواق العرب تنزلها قريش وهوازن وغطفان وأسلم والأحابيش وعقيل والمصطلق وطوائف العرب ، وكانت تقوم في النصف من ذي القعدة إلى آخر الشهر ، فإذا أهل هلال ذي الحجة أتوا ذا المجاز ، وهو قريب من عكاظ ، فيقوم سوقها إلى يوم التروية فيسيرون إلى مِنىً . قال أبو عبيدة : أجمع العُكاظيون على أن فرسان العرب ثلاثة : فارس تميم عْيَيْنة بن الحارث بن شهاب أحد بني ثعلبة بن يربوع بن حنظلة صياد الفوارس وسُمَ الفرسان ، وفارس بني قيس عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب وفارس ربيعة بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس أحد بني شيبان بن ثعلبة . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قَدِم وفد إياد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما فعل قس بن ساعدة " ، قالوا : مات يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : " كأني أنظر إليه بسوق عُكاظ يخطب الناس على جمل له أحمر وهو يقول : أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا ، منَ عاش مات ، ومَن مات فات ، وكل ما هو آتٍ آت ، أما بعدُ فإنَّ في السماء لخبرا ، وإن في الأرض لعبرا ، بُحُور تَمُور ، ونجومْ تَغور ، وسقف مرفوع وعِماد موضوع ، أقسم بالله قس قسماً إن للهِ دِيناً أرضى من دِينٍ أنتم عليه ، ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون أَرضوا فأقامُوا ، أَمْ تركوا فناموا ، وسبيل مؤتلف وعمل مختلف ، وقال أشياء لا أحفظها " ، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه له : أنا أحفظها يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " هاتها " ، فقال : في الذاهبين الأولي * ن من القرون لنا بصائرْ لما رأيت موارداً * للقوم ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها * تمشي الأوائل والأواخر لا يرجع الماضي ولا * يبقى من الباقين غابر أيقنت أني لا محا * لة حيث صار القوم صائر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله قَسَاً ، إني لأرجو أن يبعثه الله تعالى أمة وحدة " . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما بعثه الله تعالى يعرض نفسه في المواسم على القبائل يدعوهم إلى الله تعالى وإلى ما جاء به ، فحدَث الواقديَ عن عامر بن سلمة الحنفي وكان قد أسلم في آخر عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ثلاثة أعوام بعكاظ ومجنة وذي المجاز يدعونا إلى الله عز وجل ، وأن نمنع له ظهره حتى يبلغ رسالات ربه ويشترط لنا قال : فما استجبنا له ولا رددنا جميلاً ، لقد خشنَا عليه وحلم عنا قال عامر : فرجعت إلى حجر في أول عام ، فقال لي هوذة بن علي : هل كان في موسمكم هذا خبر ؟ فقلت : رجُل من قُريش يطوف على القبائل يدعوهم إلى الله وحده ، وأن يمنعوا ظهره حتى يبلغ رسالات ربه ، ولهم الجنة ، فقال : من أي قُريشٍ هو قلت : من أوسطهم نسباً في بني عبد المطلب ، قال : هوذة : أهو محمّد بن عبد المطلب ؟ قلت : هو هو ، قال : أما إنه سيظهر على ما هاهنا ، فقلت : هاهنا فقط من بين البلدان ، فقال : وغير ما هاهنا ثم وافيت في السنة الثانية فقدِمْتُ حجراً ، فقال : ما فعل الرجل ؟ فقلت : رأيته على حاله في العام الماضي ، قال : ثم وافيت في السنة الثالثة ، وهي آخر ما رأيته وإذا بأمره قد أَمِر ، وإذا ذكره كثر في الناس ، وأسمع أن الخزرج تبعته ، فقدِمت حجراً فقال لي هوذة : ما فعل الرجل ؟ فقلت : رأيت أمره قد أمر ، ورأيت قومه عليه أشداء ، فقال لي هوذة : هو الذي قلتُ لك ، ولو أنا تبعناه كان خيراً لنا