responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 406


صاحب مصر معد المستنصر بن الظاهر العبيدي ، حتى ظفر بالخليفة القائم بأمر الله ، والبساسيري هذا مملوك تركي سما بنفسه إلى أن صار مشاراً إليه بين قواد الدولة العباسية ، ووقع بينه وبين الوزير رئيس الرؤساء ما أوجب خروجه عن الطاعة وانتماءه إلى المستنصر صاحب مصر ، فخطب له في بلاد الرحبة من بلاد الفرات ، ثم خطب له بالموصل ، فأخرجه منها أبو طالب محمد بن ميكائيل المعروف بطغرلبك ، ثم عاد إليها في هذه السنة مع قريش بن بدران أمير عقيل ، فاستولوا عليها وأقاموا فيها الدعوة العبيدية ، وتجهز طغرلبك السلجوقي إلى قتالهم ، فجاءه خبر بأن أخاه إبراهيم خرج عليه وادعى السلطنة في همذان . وكان ذلك بدسيسة البساسيري وقريش ، فإنهما أطمعاه في الاستبداد وضمنا له المعاضدة ، فعدل طغرلبك عن البساسيري إلى أخيه واشتغل بحربه ، فسار البساسيري وقريش إلى بغداد وخطب للمستنصر خليفة مصر العبيدي بجامع المنصور ، وعقد الجسر ووقعت الحرب عليه ، فغلب أصحاب البساسيري واستولوا على مدينة الرصافة ، وخطبوا بجامعها للمستنصر ، واتصلت الحرب في مدينة نهر معلى التي بها قصور الخلافة ، وباتوا في دار الخلافة محاصرين ، فركب القائم العباسي بنفسه لابساً السواد ، وعلى كتفيه البردة النبوية ، وبيده سيف مسلول ، وعلى رأسه اللواء العباسي ، والخدم بالسيوف المسلولة ، فصاح البساسيري بأصحابه : لا تشغلنكم الهيبة والخديعة عن إدراك الغرض ، احملوا وصيحوا بشعار ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحملوا وصاحوا بشعار المستنصر ، فلما رأى القائم العباسي الخليفة الحقيقة جلس في منظرة مطلة مشاهداً للحروب ، ومعه رئيس الرؤساء وزيره ، ثم أْمر بتسكين الحرب ، وطلب الصلح ، والنهب يعمل عمله وصاح القائم من المنظرة : هل لك يا قريش في شرف الدهر وعز الأعقاب ، أنزلُ على أمانك ، فدمعت عيناه وقال : والله لا يصل إليك أحد وسيفي في يدي أبداً ، ثم نزل فحمله معه والوزير رئيس الرؤساء وزيره يتضرع في الأمان وهو مع الخليفة ، فوصل به إلى خيمته وأنزله مكرماً بها وأسلم الوزير رئيس الرؤساء للبساسيري وأجار القائم وسلمه لابن عمه مهارش العقيلي صاحب الحديثة وعانة ، فحمله معه وأسكنه في جزيرة عانة بالفرات ، فوجد على الدار التي كان محبوساً فيها :
أما ترى الدهر وتدبيره * حكى لعمري فيه مجانه يقطر ماء الظرف من هزله * إذ أنزل القائم في عانه فنقل ذلك إلى القائم فتبسم وقال : لعمري لقد أبدع في تدبيره ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ولم يدر قائل البيتين ، ولما بلغ المستنصر خليفة مصر هذان البيتان أدركته شفقة فقال لوالدته : لقد هممت أن أرد ابن عمي إلى بغداد يكون نائباً وتبعاً ويكون ولده نواباً لولدنا ، ويكون لنا في هذا أجر وفخر ، فقالت له : بأي عقل تعتقه ؟ هذا والله لو رددته يوماً واحداً ما نسي قديمه ولعاد الأمر كما كان وصار إليه من كان عليه ، فإياك أن تخطر هذا بخاطرك . وأما الوزير رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن الحسن بن المسلمة فلما حصل في يد البساسيري بسط عليه العذاب واستخرج منه أموالاً كثيرة ، فلما كان في يوم عيد النحر من هذه السنة ركب البساسيري وعبر إلى المصلى من الجانب الشرقي وعلى رأسه الألوية المستنصرية ، فصلى وأنشده الشعراء ، وكان فيهم أبو دلف الخزرجي الينبوعي المتشيع ، فوقف تحت البنود البيض وأنشد :
دارَ السلام هنيئاً * بدعوة ابن الرسول جاء النهار وولى * ظلام تلك الذحول ما إن رأيت حصاناً * حماله في النصول نور من الله سام * هادٍ لكل خذول فأمر له بإحسان جزيل . ولمَا فرغ البساسيري من أيام العيد أخرج الوزير رئيس الرؤساء وعليه جبة صوف وطرطور من لبد أحمر وفي رقبته مخنقة من جلود ، فشُهر على تلك الحال ، ثم نُصِبتْ له خشبة وألبس جلد ثور ، وجعل في فكيه كلابان وصُلب بهما ، فبقي يضرب إلى آخر النهار حتى مات وكان قد بقي في الوزارة اثنتي عشرة سنة ثم إن طغرلبك قَدِم لنصرة القائم ، فهرب البساسيري أمامه ، ونهب البساسيري مدينة واسط وعاث في كل ما مر به من بلاد العراق ، وسار مهارش العقيلي من جزيرة الحديثة بالخليفة القائم العباسي ، فسر السلطان طغرلبك بقدومه ، وكان قد وصل إلى بغداد وسكن أهلها وأمنهم ، وخرج للقاء القائم ، ونزل عن فرسه ، وقبل الأرض بين يديه ، واعتذر من تأخره باشتغاله بحرب أخيه إبراهيم حتى فرغ منه ، فقلَّده القائم سيفاً بيده ، ووصل القائم دار الخلافة وطغرلبك ممسك بلجام بغلته في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة وصار طغرلبك خلف البساسيري

406

نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست