كثيرة للأول وقصور وأقباء ، وكان فيها ماء مجلوب ، وبخارجها عين ماء طيب يسمونه برقال ، ويقال إنه يحدث الحمق لشاربه ، فهم يعيرون بذلك فيقال لمن تهافت منهم : شربت ماء برقال ، لا جناح عليك ، وقال الشاعر : بطنجة عين ماء وسط رمل * لذيذ ماؤه كالسلسبيلِ خفيف وزنه عذب ولكن * يطير بشاربيه ألف ميل وبين طنجة وسبتة ثلاثون ميلاً في البر ، وفي البحر نصف مجرى وتعرف طنجة بالبربرية " وليلي " افتتحها عُقْبة بن نافع وقتل رجالها وسبى من فيها ، وهي على شاطئ بحر الزقاق . وكان فيها رخام كثير وحجر منحوت جليل ، ومنها كانت القنطرة على بحر الزقاق إلى ساحل الأندلس التي لم يكن في العالم مثلها ، وكانت تمر عليها القوافل والعساكر من ساحل طنجة إلى ساحل الأندلس ، فلما كان قبل الفتح الإسلامي طغى ماء البحر وزاد وخرج من البحر المحيط إلى بحر الزقاق ، وأغرق هذه القنطرة ، وكان طولها اثني عشر ميلاً وسعة المجاز اليوم في موضعها ثلاثون ميلاً أو نحوها ، وتبدو هذه القنطرة لأهل المراكب فيتحفظون منها ، ويقال إنها ستنكشف في آخر الزمان ويجوز عليها الناس ، والله أعلم . قالوا : وطنجة آخر حدود إفريقية من المغرب ومسافة ما بين طنجة والقيروان ألفا ميل ، وهي طنجة البيضاء المذكورة في التواريخ وقيل أن عمل طنجة مسيرة شهر في مثله وأن ملوك المغرب من الروم وغيرهم من الأمم كانت دار مملكتهم مدينة طنجة ، وإذا حفرت خرائب طنجة وجدت فيها أصناف الجوهر وهو يدل على أنها كانت دار مملكة لأمم سالفة ، ولطنجة نهر كبير تدخله السفن يصب في البحر ، يأتي من جبال بغربي طنجة وتأتي منه سيول عظام تذهب ببعض دورها . قالوا : عقد الوليد لموسى بن نصير على إفريقية وما خلفها سنة ثمان وثمانين ، فخرج في نفر قليل ، فلما ورد مصر أخرج من جندها بعثاً فأتى إفريقية فأخرج معه من أهلها ذوي القوة ، وصير على مقدمته طارق بن زياد ، فلم يزل يقاتل البربر ويفض جموعهم ويفتح بلادهم حتى بلغ طنجة ، وهي قصبة بلاد البربر ، فحصرها حتى افتتحها ، واختلف : هل كانت فتحت قبله أو لا . طفيل : جبل قريب من الجحفة ، وهو وشامة جبلان مشرفان على مجنة ، وهي على بريد من مكة ، وأظنه الذيَ غنى به بلال رضي الله عنه بقوله : ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً * بوادٍ وحولي إِذخر وجليلُ وهل أردن يوماً مياه مجنة * وهل يبدونْ لي شامة وطفيل الطف : ساحل البطيحة ، وهو بين البصرة والأهواز . والطف أيضاً بالعراق على فرسخين من البصرة ، وهناك الموضع المعروف بكربلاء الذي قتل فيه الحسين بن علي رضي الله عنهما ، وقال الشاعر فيه : وإن قتيل الطف من آل هاشم * أذل رقاب المسلمين فذلَتِ وبالطف كان قصر أنس بن مالك رضي الله عنه ، وفيه مات رحمه الله سنة ثلاث وتسعين ، وهو ابن مائة عام وثلاثة أعوام . وكان مقتل الحسين رضي الله عنه بالطف في محرم سنة إحدى وستين لعشر خلون من المحرم ، وله ست وخمسون سنة وخمسة أشهر وثلاثة أيام ، قتله شمر بن ذي الجوشن ، وقيل سنان بن أبي أنس ، وصاحب الجيش عمر بن سعد بن أبي وقاص ، وحمل رأسه إلى